التقية عند الإكراه على كلمة الكفر ، لا كل التقيّة كما مرّ في الفصل الأوّل ، والمهم هنا هو انّ السدي من القائلين بالتقية في أفظع الأشياء وهو الكفر كغيره من التابعين. على أنّ هذا المعنى قد أطبقت على صحّته كلمة المفسّرين ، بشرط أن يكون القلب مطمئن بالإيمان.
٥١ ـ واصل بن عطاء (ت / ١٣١ ه) :
وهو رأس الاعتزال ، وكان مفرط الذكاء ، ومن تقيته ما ذكره ابن الجوزي الحنبلي (ت / ٥٩٧ ه) في كتاب الأذكياء ، من أنّه خرج يريد سفراً في رهط ، فاعترضهم جيش من الخوارج ، فقال واصل : «لا ينطقن أحد ودعوني معهم ، فقصدهم واصل ، فلمّا قربوا بدأ الخوارج لِيُوقِعوا. فقال : كيف تستحلّون هذا وما تدرون من نحن ، ولا لأيّ شيءٍ جئنا؟ فقالوا : نعم ، من أنتم؟ قال : قوم من المشركين جئناكم لنسمع كلام الله.
قال : فكفّوا عنهم ، وبدأ رجل منهم يقرأ القرآن ، فلمّا أمسك ، قال واصل : قد سمعت كلام الله ، فأبلغنا مأمننا حتّى ننظر فيه وكيف ندخل في الدين. فقال : هذا واجب ، سيروا ، قال : فسرنا والخوارج والله معنا يحموننا فراسخ ، حتّى قربنا إلى بلد لا سلطان لهم عليه ، فانصرفوا» (١).
٥٢ ـ سالم بن أبي حفصة البُتري (ت / ١٤٠ ه) :
قال الكشي (من علماء الشيعة الإمامية في القرن الرابع الهجري) في ترجمته : «وحكي عن سالم : أنّه كان مختفياً من بني اميّة بالكوفة ، فلمّا بويع لأبي العبّاس ، خرج من الكوفة محرماً فلم يزل يلبّي : لبّيك قاصم بني اميّة
__________________
(١) كتاب الأذكياء / ابن الجوزي : ١٣٦.