امّا التقيّة عند ابن عطيّة الأندلسي المالكي (ت / ٥٤١ ه) فتجوز في تلفّظ كلمة الكفر ، وحكى جواز السجود إلى الصنم عند الإكراه ، كما تصحّ في البيع ، والايمان ، والطلاق ، والعتق ، والإفطار في شهر رمضان ، وشرب الخمر ، ونحو ذلك من المعاصي ، ثمّ أكّد أنّ هذا هو المروي عن مالك بن أنس من طريق مطرف ، وابن عبد الحكم ، وأصبغ ، وانّه لا يشترط في التقية تحقّق الإكراه المفضي إلى القتل ، وإنّما يكفي في ذلك أن يكون الإكراه قيداً ، أو سجناً ، أو وعيداً مخوّفاً ، وإن لم يقع ما يوعد به (١).
وقد سُئل ابن أبي عليش المالكي (ت / ١٢٩٩ ه) : «ما قولكم فيمن اكرِه على شرب الخمر ، أو سائر النجاسات ، فهل يجوز له ذلك لخوف ضرب مؤلم؟ أم كيف الحال؟».
فقال في جواب هذا السؤال : «فأجبت بما نصّه : الحمد لله ، والصلاة والسلام على سيدنا محمّد رسول الله. قال الثنائي ، عن سحنون : ولو اكره على أكل الميتة ، ولحم الخنزير ، وشرب الخمر ، لم يجز إلا لخوف القتل ، انتهى.
وهو مبني على أنّ الإكراه لا يتعلّق بالفعل ، والمذهب تعلّقه به ، فيكون بما مرّ من خوف مؤلم ... إلخ ، وهو قول لسحنون أيضاً ، وهو المعتمد لا ما ذكره ...» (٢).
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ٣٧٦ : ١٠ ٣٧٧ المسألة السادسة من مسائل الآية (١٩) من سورة الكهف.
(٢) فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك / أبو عبد الله محمّد بن أحمد عليش ١٩١ : ١.