وذكر بعد هذا أنّ التقية على مثل هذه الامور لا يشترط أن تكون من أجل المحافظة على النفس من التلف ، لتعدّد مصاديق الإكراه التي تسوغ معها التقية. فقال : «قال مالك : والقيد إكراه ، والسجن إكراه ، والوعيد المخوف إكراه وإن لم يقع إذا تحقّق ظلم ذلك المتعدي ، وانقاذه لما يتوعّد» (١).
أمّا ابن العربي المالكي (ت / ٥٤٣ ه) ، فقد فصل القول في هذه الآية ، وذكر فيها تسع مسائل ، نذكرها باختصار ، وهي :
المسألة الاولى : نزول الآية في المرتدين ، مع الإحالة إلى ما بيّنه من أحكام المرتدّين في سورة المائدة.
المسألة الثانية : استثناء من تكلّم بالكفر بلسانه عن إكراه ، ولم يعقد على ذلك قلبه ، فإنّه خارج عن حكم المرتدّ ، معذور في الدنيا ، مغفور له في الآخرة.
ثمّ أكّد بعد هذا أنّ التهديد على عمل معين إذا كان من قادر ظالم تصحّ معه التقية ويسقط عن صاحبها الإثم في الجملة ، إلا في القتل ، وادّعى عدم الخلاف بين الامّة في حرمة القتل تحت طائلة الإكراه.
وسيأتي عنه في المسألة السادسة خلاف هذا الادّعاء!!
ثمّ قال : «واختُلف في الزنا ، والصحيح أنّه يجوز له الإقدام عليه ، ولا حدّ عليه ، خلافاً لابن الماجشون ، فإنّه ألزمه الحدّ ، لأنّه رأى انّها شهوة خلقية لا يتصوّر عليها إكراه ، ولكنّه غفل عن السبب في باعث الشهوة ، وانّه باطل.
__________________
(١) المحرّر الوجيز ٢٣٦ : ١٠.