رجعتهم فرجعوا.
وقال الراغب في مفرداته : الصّرف : ردّ الشيء من حالة إلى حالة ، أو إبداله بغيره.
وقال ابن منظور في لسان العرب : الصّرف : ردّ الشيء عن وجهه ، أن تصرف إنسانا عن وجه يريده إلى مصرف غير ذلك.
أمّا اصطلاح الصّرف والصّرفة عند المتكلّمين ، فمعناه أنّ الله تعالى سلب دواعيهم إلى المعارضة ، مع أنّ أسباب توفّر الدواعي في حقّهم حاصلة.
ويمكن تبيين وتفسير كلام القائلين بالصّرفة بأنّ القرآن الكريم يتكوّن من مجموعة من الكلمات والحروف قد سطّرت ونظمت بنظم خاص. وهذا النظم مهما علا شأنه وفارق سائر نظوم الكلام ، فإنّه بنفسه لا يمكن أن يكون معجزا بحيث يعجز من تحدّي به عن الإتيان بما يقاربه. نعم ، إنّه يعدّ معجزة ومعجزا حينما يسلب الله سبحانه وتعالى دواعي الكفّار وغيرهم عن معارضته ، فإعجاز نصّ القرآن لا لنفسه وذاته ، وإنّما لسبب خارجيّ طرأ على بعض الناس ، وهم الذين قصدوا المعارضة وحاولوا إتيان ما يقاربه في النظم ، ولو لا ذلك لاستطاعوا مجاراة سور القرآن وآياته والإتيان بما يقاربهما في الشّبه. وهذا الطارئ الخارجيّ ، وتثبيط عزائم القاصدين للمجاراة ، وقبول التّحدي ، هو في نفسه إعجاز خارق للعادة. وذهب جماعة إلى أنّ هذا الرأي يعدّ أخطر وأجرأ ما قيل في هذا المجال.
وإليك توضيح أبي القاسم البلخيّ المتكلّم الشهير في كتابه عيون المسائل والجوابات لمذهب هؤلاء القائلين بالصّرفة ، يقول (١) :
__________________
(١) الموضح / ٧٩.