وقوله صلىاللهعليهوآله لسراقة (١) : «كأنّي بك وقد لبست سواري كسرى».
وما ذكرناه من هذه الأخبار قليل من كثير. وفي استقصاء ذكرها (٢) خروج عن الغرض ، وهي معروفة. وجميع ما تلوناه من أخبار القرآن وقصصناه من أخباره صلىاللهعليهوآله الخارجة عن القرآن وقعت مخبراتها وفقا لها.
ومعلوم أنّ مثل هذه الأخبار لا تقع عن ظنّ وترجيم ؛ لأنّ الظّنّ لا يمكن معه الصّدق في مثل هذه الأخبار على سبيل التفصيل ، ولا بدّ أن تكون دالّة على علم المخبر بها.
وليس يجوز أن يكون العلم بذلك معتادا ؛ لأنّ العلوم المعتادة لا تخرج عن قسمين : الضّرورة ، والاكتساب. وقد علمنا أنّه ليس في سائر العلوم الضّروريّة المعتادة علم بما يحدث على سبيل التفصيل. ولو كان مكتسبا لكان واقعا عن النّظر في دليل ، ولا دليل يدلّ على ما يتجدّد من أفعال النّاس وما يختارونه ويجتنبونه مفصّلا.
وإذا صحّت هذه الجملة فالإخبار عن الغيوب لا يخرج عن وجهين :
إمّا أن يكون من فعل الله تعالى ، نحو ما تلوناه من أخبار القرآن ، ومن فعل النّبيّ صلىاللهعليهوآله نحو ما قصصناه من أخباره (٣) الخارجة عن القرآن.
__________________
(١) هو أبو سفيان سراقة بن مالك بن جعشم الكنانيّ المدلجيّ الحجازيّ. كان ينزل القديد بين مكّة والمدينة ، وكان في الجاهليّة معروفا باقتفاء الأثر. وهو من أشراف قومه وشعرائهم ، وكان ممّن تعقّب النبيّ صلىاللهعليهوآله مع جماعة من المشركين حين هاجر عليهالسلام من مكّة إلى المدينة ، وحينما لحق بالنبيّ ، ورآه صلىاللهعليهوآله دعا عليه فساخت قوائم فرسه في الأرض ، فندم وطلب من الرسول أن ينجّيه ، فدعا له النبيّ صلىاللهعليهوآله فأطلق ورجع إلى قومه. أسلم بعد واقعة الطائف في السنة الثامنة للهجرة. وتولّى البصرة أيّام حكومة عمر بن الخطّاب. توفّي سنة ٢٤ ه.
(٢) في الأصل : ذكرنا ، والظاهر ما أثبتناه.
(٣) في الأصل : أخبار ، والمناسب ما أثبتناه.