ه) في عداد من قالوا بالصّرفة لا مطلقا ، بل على بعض الوجوه (١) ، قال : «المذهب الذي نقله أبو القاسم البلخيّ عن جماعة المعتزلة ونصره وقوّاه ، هو أنّ نظم القرآن وتأليفه يستحيلان من العباد ، كاستحالة إحداث الأجسام ، وإبراء الأكمه والأبرص».
وكذلك اعتنق مذهب الصّرفة صراحة أبو محمّد عليّ بن أحمد بن حزم الأندلسيّ الظّاهريّ المتوفّى سنة ٤٥٦ ه ، ودافع عن معتقده في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنّحل ، وخلاصة قوله :
«إنّ القرآن معجزة خالدة ، لا يقدر أحد على المجيء بمثلها أبدا ؛ لأنّ الله تعالى حال بين الناس وبين ذلك ... وهذا هو الذي جاء به النصّ ، والذي عجز عنه أهل الأرض ، منذ أربعمائة عام وأربعين عاما ، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها» (٢).
بيان حقيقة اعتقاد الشريف المرتضى في القول بالصّرفة
يعدّ الشريف المرتضى أبرز متكلّم اعتقد بمقولة الصّرفة ، ومن حسن الحظّ أنّه وصل إلينا تراثه الكلاميّ ، ويمكن للباحث أن يقف على حقيقة معتقده في الصّرفة من جميع جوانبها دون لبس أو تمويه وتشويه من الناقلين الوسطاء ؛ فقد بيّن المرتضى مذهبه واعتقاده في عدد من كتبه ، ودافع عنه دفاع العالم الخبير ، والمتكلّم النبيه ، ومن هذه الكتب كتاب جمل العلم والعمل (٣) ، حيث نجد صريح
__________________
(١) الموضح / ١٠٧.
(٢) الفصل ٣ / ٢٦ ـ ٣١ ، طبعة دار الجيل.
(٣) وهو مطبوع مستقلا ، وكذلك مع شرح القاضي ابن البرّاج ، وطبع أيضا ضمن مجموعة رسائل الشريف المرتضى.