رؤيته واجبة (١).
على أنّه إن لم يكن مرئيّا فلا بدّ من أن يكون ما يحضره وينقله مرئيّا متميّزا من غيره ، وإلّا لم يكن فرق بين حضوره وغيبته. [و] ما كان بهذه المنزلة لا يصحّ ادّعاء الإعجاز والإبانة به.
وإذا كان ما ينقله مرئيّا لم يخف على الحاضرين حاله ، وجب أن يفطنوا به ، وينبّهوا على (٢) الحيلة فيه (٣).
ويلحق هذا الوجه أيضا بالأوّل في مساواة الجنّ للبشر في الاعتبار عليهم والامتحان ، ألا ترى أنّ كثيرا من المشعبذين وأصحاب الحقّة (٤) يتمكّنون على سبيل الحيلة من ستر جسم وإظهار غيره ، وإبدال ميّت بحيّ ، وصغير بكبير ، وملوّن بملوّن يخالفه! وإذا اعتبر عليهم الحصفاء (٥) ، وكشفوا عن مظانّ حيلهم ظهروا على أمرهم.
ولا بدّ في مدّعي النّبوّة من أن يؤمن في أمره ما جوّز في المشعبذ ، وليس يقع الأمان إلّا بالامتحان الشّديد والبحث الصّحيح. وكما أنّا لا نصدّق مدّعي النّبوّة
__________________
(١) قال المصنّف رحمهالله في الذخيرة / ٣٩١ : «والجواب عن ذلك : أنّ أقلّ الأحوال أن يكون حامل هذا الحيوان مكافئا له في القدر ، ويجب تساويهما في الجثّة والكثافة ، فيجب رؤيته ولا يخفى حاله».
(٢) في الأصل : عن ، وما أثبتناه مناسب للسياق.
(٣) قال المصنّف رحمهالله في الذخيرة / ٣٩٢ : «وبعد ، فإن فرضنا أنّ رؤية هذا الحامل غير واجبة ، فلا بدّ من أن يكون ما يحمله وينقله مرئيّا متميّزا ، وإلّا لم يفرق بين حضوره وغيبته. وما هذه حاله لا يخفى على الحاضرين حاله ، ولا بدّ من أن يدركوه ويفطنوا بحاله ويتنبّهوا على وجه الحيلة فيه».
(٤) في الأصل : الحقّة : أي الداهية ، ولعلّها : الخفّة.
(٥) حصف ، حصافة : إذا كان جيّد الرأي ، محكم العقل.