وربّما قالوا : إنّ الّذي يؤمن منه حصول العلم الضّروريّ أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله هو المظهر للقرآن بالإتيان به ، وأنّه لم يسمع من جهة غيره.
وربّما تعلّقوا بأنّ الشكّ في ذلك تشكّك في إضافة الشّعر إلى الشّعراء ، والكتب إلى المصنّفين.
وهذه الوجوه الثّلاثة قد تقدّم الكلام عليها والنّقض لها ، على حدّ من البسط والشّرح لا يحوج إلى تكرار (١).
فأمّا قولهم : «إنّ العلم حاصل بأنّه لم يسمع من غيره» ، فهو صحيح مسلّم.
وكذلك إن قالوا : «إنّا نعلم أنّ المظهر له لم يأخذه من غيره» ، وأرادوا ممّن يقف على خبره ، ويجب أن تتّصل بنا أحواله.
فأمّا على كلّ وجه ، حتّى يدّعوا وقوع العلم بأنّه لم يوجد من أحد ـ ظهر على يده أم لم يظهر ، عرفناه أم لم نعرفه ، كان ممّن يجب أن تتّصل بنا أخباره أم لم يكن ـ فهو المكابرة الظّاهرة الّتي يعلمها كلّ من رجع إلى نفسه.
ولا بدّ أيضا أن يكون هذا العلم مخصوصا ؛ لأنّهم إن ادّعوه على العموم خرجوا عن الإسلام ؛ لأنّا قد بيّنا أنّ المعلوم نزول الملك به ، فيجب أن تقولوا على هذا : إنّا نعلم أنّه لم يوجد من أحد من البشر ويجوز ذلك في غيرهم. [و] من حاسب نفسه وسبر ما عندها لم يجد فيها فرقا فيما ادّعوا العلم به بين ملك وبشر ، إذا فرضنا أنّ المأخوذ منه لا يجب أن يتّصل بنا خبره (٢).
__________________
(١) قال المصنّف رحمهالله في الذخيرة / ٣٩٤ : «... إذا ذكروا الاستفساد وغيره ممّا حكيناه عنهم في جواب سؤال الجنّ ، فقد تكلّمنا بما فيه كفاية. وإذا قالوا : إنّ العلم الضروريّ حاصل بأنّه لم يسمع من غيره ، أو قالوا : نعلم ضرورة أنّ المظهر له لم يأخذ من غيره ...».
(٢) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٣٩٤ : «قلنا : أمّا العلم بأنّه لم يأخذ من أحد ظهر