للاختصاص ، لا يقتضي التّنفير عن النّظر فيها حسب ما ظنّوه. وكيف نظنّ مثل ذلك ونحن نعلم أنّ النّاظر في كلّ علم من أعلام (١) الأنبياء عليهمالسلام ، يجوّز قبل نظره فيه أن يكون مخرقة (٢) وشعبذة ، وغير موجب لتصديق من ظهر عليه ؛ لأنّه لو لم يكن مجوّزا لما ذكرناه لكان عالما بأنّه علم معجز. ولو كان عالما لم يصحّ أن ينظر فيه ليعلم أنّه معجز ، (وتجويزه أن يكون غير معجز في الحقيقة) (٣).
فإن كان ظاهره الإعجاز لا يقتضي تنفيره (٤) عن النّظر فيه ، بل نظره فيه واجب ، من جهة الخوف القائم ، وعدم الأمان من أن يكون المدّعي صادقا.
فكذلك حكم النّاظر في الأعلام ـ مع تجويزه أن تكون غير حادثة ولا مختصّة ـ لا يجب أن يكون تجويزه منفّرا عن النّظر ؛ لأنّ الخوف الموجب للنّظر والبحث قائم (٥).
وممّا يمكن أن يتعلّقوا به أن يقولوا : لو كان القرآن مأخوذا من نبيّ خصّه الله به وأنزله عليه لم يخل حاله من وجهين :
إمّا أن يكون قد أدّى الرسالة ، وصدع بالدّعوة ، وظهر أمره ، وانتشر خبره.
أو يكون لم يؤدّها.
فإن كان الأوّل : استحال أن يخفى أمره ، وتنطوي حال من قتله وغلبه على
__________________
(١) في الأصل : علم ، والمناسب ما أثبتناه.
(٢) أي ادعاء وكذبا.
(٣) كذا في الأصل : وتبدو العبارة غير مستقيمة.
(٤) في الأصل : بتغيّره ، وما أثبتناه مناسب للسياق.
(٥) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٣٩٤ : «إنّ تجويز المستدلّ الناظر في المعجزات أن تكون غير حادثة ولا مختصّة لا يقتضي التنفير عن النظر فيها. وكيف يكون ذلك ويحسن أن كلّ ناظر في علم من أعلام الأنبياء عليهمالسلام يجوّز قبل نظره فيه أن يكون مخرقة وشعبذة ، ولم يقتض ذلك تنفيره عن النظر فيه ، بل واجب نظره لثبوت الخوف وعدم الأمان من أن يكون المدّعي صادقا».