كتابه ، لا سيّما مع البحث الشّديد والتتبّع التامّ.
وإذا كنّا ـ مع ما ذكرناه من الفحص والبحث ـ لا نقف (١) على خبره من هذه صفته ، وجب القضاء ببطلانه.
وإن كان الثّاني : فالواجب على الله تعالى أن يمنع من قتله ليقوم بأداء الرّسالة ؛ لأنّه إذا كان الغرض ببعثته تعريفنا مصالحنا ، وتنبيهنا على ما لا نقف عليه إلّا من جهته ؛ فليس يجوز أن يمكّن الله تعالى من اقتطاعه عن ذلك ، كما لا يجوز أن يقتطعه هو عنه ، ولهذا يقال : إنّ النّبيّ إذا علم أنّ عليه شيئا من الرّسالة لم يؤدّه بعد ، فإنّه لا بدّ أن يكون قاطعا على أنّه سيبقى إلى أن يؤدّيه ، ويأمن القتل وغيره من القواطع عن الأداء.
وإذا فسد الوجهان جميعا ، بطل السّؤال (٢).
وهذا أيضا غير صحيح ؛ لأنّه ليس بمنكر أن يكون ذلك النّبيّ مبعوثا إلى واحد من النّاس ، فإنّ جواز بعثة الرّسل إلى آحاد النّاس في العقول ، كجواز بعثتهم إلى جماعتهم. وإذا جاز أن يكون مبعوثا إلى الواحد ، فما الّذي تنكر من أن يقتل هو والّذي بعث إليه معا ، وينتزع الكتاب من يده بعد أدائه الرّسالة وقيامه بتكليفها؟
أو يكون مبعوثا إلى الّذي قتله وأخذ الكتاب منه وحده ، ونقدّر أنّه أوقع القتل به بعد أداء الرّسالة ، حتّى لا يوجبوا على الله تعالى المنع من قتله.
__________________
(١) في الأصل : لا يقف ، والمناسب ما ذكرناه.
(٢) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٣٩٥ : «وممّا يمكن أن يتعلّقوا به : أنّ القرآن لو كان مأخوذا من نبيّ خصّه الله تعالى به ، ولم يخل حاله من وجهين : إمّا أن يكون قد أدّى الرسالة ، وظهر أمره ، وانتشر خبره. أو لم يؤدّها.
وفي الوجه الأوّل : استحالة أن يخفى خبره وينطوي حال من قتله وغلبه على كتابه ، لا سيّما مع البحث الشديد والتنقير الطويل. وإن كان على الوجه الثاني : وجب على الله تعالى أن يمنع من قتله ، وإلّا انتقض الغرض في بعثته».