وأمّا الجواب الّذي ابتدأناه ووعدنا بذكره واستمراره على أصول الجميع ، فهو (١) : أنّ القرآن نفسه يدلّ على أنّ نبيّنا صلىاللهعليهوآله هو المختصّ به دون غيره ، فممّا تضمّنه ـ ممّا يدلّ على ذلك ـ قوله تعالى في قصّة المجادلة :
(قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ وَاللهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ* الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ) إلى قوله تعالى : (وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) (٢).
وقد جاءت الرّواية بأنّ جميلة زوجة أوس بن الصّامت (٣) (وقيل : خولة بنت ثعلبة) ظاهر منها زوجها ، فقال : أنت عليّ كظهر أمّي! وكانت هذه الكلمة ممّا يطلق بها في الجاهلية ، فأتت المرأة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وشكت حالها ، فقال عليه وآله السّلام : ما عندي في أمرك شيء! فشكت إلى الله تعالى.
وروي أنّها قالت للنّبيّ صلىاللهعليهوآله : إنّ لي صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا ، وإن ضممتهم إليّ جاعوا. فأنزل الله تعالى كفّارة الظّهار على ما نطق به القرآن (٤).
__________________
(١) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٣٩٥ : «وقد كنّا ذكرنا في كتابنا الموضح عن إعجاز القرآن جوابا سديدا عن هذا السؤال ، يمكن أن نجيب من ذهب في القرآن إلى خرق العادة بفصاحته ، وإن كنّا ما قرأنا لهم في كتاب ، ولا سمعناه في مناظرة ولا مذاكرة ، وإنّما أخرجناه فكرة ، وهو أنّ القرآن عند التأمّل له يدلّ على أنّ نبيّنا صلىاللهعليهوآله هو المختصّ به ، والمظهر على يده دون غيره ، فما تضمّنه القرآن ممّا يدلّ على ذلك قوله تعالى في قصّة المجادلة ...».
(٢) سورة المجادلة : ١ ـ ٣.
(٣) هو أوس بن الصامت بن قيس بن أحرم الأنصاريّ الخزرجيّ ، وأمّه قرّة العين بنت عبادة ، وأخوه عبادة بن الصامت ، وزوجته خولة بنت ثعلبة الخزرجيّة. صحابيّ من الأنصار ، شاعر ، وكان به خفّة ومسّ من الجنون. وقصّة ظهاره مع زوجته التي كانت السبب في نزول آية الظهار معروفة مشهورة.
(٤) راجع : تفسير التبيان ٩ / ٥٤١ ، تفسير مجمع البيان ٩ / ٢٤٧ ، تفسير الطبريّ ٢٨ / ٢.