ومن ذلك قوله تعالى (١) : (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ) (٢).
والقائل ـ حكي في الآية ، على ما أتت به الرّواية ـ عبد الله بن أبيّ بن سلول (٣).
ومن ذلك قوله عزوجل (٤) : (وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلى بَعْضِ أَزْواجِهِ حَدِيثاً فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) (٥).
والقصّة الّتي أنزلت هذه الآية فيها ، مشهورة ؛ لأنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله أسرّ إلى إحدى زوجاته سرّا ، فأظهرت عليه صاحبة لها من الأزواج أيضا ، وفشا من جهتها ، فأطلع الله تعالى على فعلهما النّبيّ صلىاللهعليهوآله ، فعاتب المبتدئة بإظهاره ، فأجابته بما هو مذكور في الآية (٦). وشرح الحال معروف ، وقد أتت به الأخبار.
__________________
(١) كذلك في كتاب الذخيرة / ٣٩٧.
(٢) سورة المنافقون : ٨.
(٣) هو أبو الحبّاب ، عبد الله بن أبيّ بن مالك الأنصاريّ الخزرجيّ ، عاصر النبيّ صلىاللهعليهوآله في بدء الدعوة وكان يهوديّا ، وأصبح من أكثر المشركين إيذاء وحسدا لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، حتّى صار رأس النفاق في المدينة. أظهر الإسلام بعد وقعة بدر الكبرى نفاقا وبغيا وخوفا ، فحاول أن يخذّل النبيّ صلىاللهعليهوآله والمسلمين ويشمت بهم إذا حلّت بهم نازلة وينشر كلّ سيّئة يسمعها عنهم ، ولم يزل على كفره ونفاقه حتّى أصيب بمرض قضى عليه في السنة التاسعة للهجرة.
(٤) كذلك في كتاب الذخيرة / ٣٩٧.
(٥) سورة التحريم : ٣.
(٦) من الآيات النازلة بذمّ حفصة بنت عمر بن الخطّاب وعائشة بنت أبي بكر زوجتي النبيّ صلىاللهعليهوآله حيث خالفتا النبيّ وتظاهرتا عليه وأفشتا سرّه صلىاللهعليهوآله ، فعاتب عليهالسلام إحداهما وأعرض عن الثانية ، والقضية مشهورة ثابتة والأخبار الواردة فيها متواترة. وإليك نصّ الخبر الذي يرويه البخاريّ ٦ / ٢٧٤ بسنده عن عائشة نفسها : «قالت : كان