ومن ذلك قوله تعالى (١) : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ) إلى قوله : (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢).
وما وردت به الرّواية من خروج النّبيّ صلّى الله عليه [وآله] خائفا من قريش واستتاره في الغار ، وأبو بكر معه ، ونهيه له عمّا ظهر منه من الجزع والخوف مطابق لظاهر القرآن.
ومن ذلك قوله تعالى (٣) : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً) (٤).
وعلى ما تضمّنت الآية جرت الحال بين النّبيّ صلىاللهعليهوآله وزيد بن حارثة.
فأمّا قوله تعالى : (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) ، فتأويله الصّحيح أنّ الله تعالى كان أوحى إلى نبيّه صلىاللهعليهوآله بأن يتزوّج امرأة زيد ، وأعلمه أنّه سيطلّقها ، وأراد تعالى بذلك نسخ ما كانت الجاهليّة عليه من حظر نكاح أزواج أدعيائهم على نفوسهم.
__________________
رسول الله صلىاللهعليهوآله يشرب عسلا عند زينب ابنة جحش ويمكث عندها ، فواطأت أنا وحفصة عن أيّتنا دخل عليها فلتقل له : أكلت مغافير ، [مغافير جمع مغفور وهو صمغ حلو وله رائحة كريهة] إنّي أجد منك ريح مغافير! قال : لا ، ولكنّي كنت أشرب عسلا عند زينب ابنة جحش ، فلن أعود له ، وقد حلفت ، لا تخبري بذلك أحدا».
(١) ورد الاستشهاد بالآية في كتاب الذخيرة / ٣٩٧.
(٢) سورة التوبة : ٤٠.
(٣) ورد الاستشهاد بالآية كذلك في كتاب الذخيرة / ٣٩٧ ـ ٣٩٨.
(٤) سورة الأحزاب : ٣٧.