يتبيّن بطلان كثير ممّا قيل أو يقال ، ونسب أو ينسب إليه ـ وإلى غيره من القائلين بالصّرفة ـ من أمور مخالفة لعقيدة عامّة المسلمين وإجماعهم ، من القول بأنّهم ينفون معجزيّة نصّ القرآن ، وكونه علما ودالّا على صدق دعوى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، وأنّ القول بالصّرفة يستلزم صدور القبيح منه تعالى ، والجبر وسلب الاختيار والقدرة من العرب ، وأمور أخرى مستنكرة تعرّض لذكرها كلّ من تصدّى لردّ مذهب الصّرفة من المتقدّمين ، كالباقلانيّ والقاضي عبد الجبّار وعبد القاهر الجرجانيّ والتفتازانيّ. ومن المتأخّرين كالسيّد هبة الدين الشهرستانيّ ، والشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء ، ومصطفى صادق الرافعيّ ، والمحامي توفيق الفكيكيّ ، والعلّامة الطباطبائيّ وآخرين.
ذهب إلى القول بالصّرفة ، جماعة من معاصري الشريف وممّن تأخّر عنه :
١ ـ أبرزهم شيخه وشيخ الإماميّة ، وأعظم متكلّميها على الإطلاق ، أي الشيخ محمّد بن محمّد بن النعمان البغداديّ ، المشهور بالشيخ المفيد (المتوفّى سنة ٤١٣ ه) ، فقد صرّح في كتابه أوائل المقالات ، الجامع لعقائده في أصول الدين والمذهب ب (إنّ جهة ذلك ـ أي إعجاز القرآن ـ هو الصّرف من الله تعالى لأهل الفصاحة واللّسان ، عن المعارضة للنبيّ صلىاللهعليهوآله بمثله في النظام عند تحدّيه لهم ، وجعل انصرافهم عن الإتيان بمثله وإن كان في مقدورهم ، دليلا على نبوّته صلىاللهعليهوآله ، واللّطف مستمرّ في الصّرف عنه إلى آخر الزمان) (١).
وهذا القول تصريح منه رحمهالله لا لبس فيه بأنّه كان يعتقد بمذهب الصّرفة ، فما نسبه إليه العلّامة المجلسيّ رحمهالله في بحار الأنوار (٢) ، والقطب الراونديّ في الخرائج
__________________
(١) أوائل المقالات / ٦٣ ، طبعة مؤتمر الشيخ المفيد.
(٢) بحار الأنوار ١٧ / ٢٢٤.