والقسم الأوّل يفسد من وجهين (١) :
أحدهما :
أنّ بعض هذه السّير والحوادث ـ فضلا عن جميعها ـ لو وقع متقدّما ، لوجب أن نعلمه نحن وكلّ عاقل سمع الأخبار وأحاط بأهلها علما لا تعترض فيه الشّكوك ، ولكان الخبر بذلك منتشرا مستفيضا كاستفاضة أمثاله.
وكيف لا يعلم حال (نبيّ لله تعالى كثر أعوانه) (٢) وأصحابه ، وكان منهم مهاجرون وأنصار ، ومناصحون ومنافقون. ونازل أعداءه ونازلوه ، وحاربهم (٣) في مواطن أخر (٤) وحاربوه ، وحاجّهم في مقامات معلومة وبأقوال مخصوصة وحاجّوه ، واستفتي ، وأنزلت به المعضلات ، واقترحت عليه الآيات والمعجزات ، وأظهر دينه وشرعه على سائر الأديان والشّرائع ، حسب ما تضمّنه القرآن؟! فأيّ طريق للشّكّ على عاقل في خفاء مثل هذا ، وكلّ الأسباب الموجبة للظّهور والاستفاضة المتفرّقة مجتمعة فيه ـ وإن كان أعداء نبيّنا صلىاللهعليهوآله عن الظّهور على ما ادّعى ، والمواقفة (٥) عليه والاحتجاج به وعهدهم به قريب ، وهو واقع في
__________________
(١) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٣٩٨ ـ ٣٩٩ : «والقسم الأوّل يبطل من وجهين :
أحدهما : أنّ ذلك لو جرى فيما مضى لوجب أن يعلمه كلّ عاقل سمع الأخبار ؛ لأنّ وجوب استفاضته وانتشاره يقتضي عموم العلم. وكيف لا نعلم حال نبيّ كثر أعوانه ، وكان منهم مهاجرون وأنصار ، ومخلصون ومنافقون ، وحارب في وقعة بعد أخرى وحورب ، واستفتي في الأحكام ، واقترحت عليه الآيات والمعجزات ، ولكان أعداء النبيّ صلىاللهعليهوآله يواقفون على هذه الحال ، ويسارعون إلى الاحتجاج بها. وإنّما استحقّ هذا السؤال تكلّف الجواب عنه ، لمّا تضمّن أنّ الكتاب أخذ ممّن لا يعرف له خبر ، ولا وقف له على أثر ، ولا بعث إلّا إلى الذي أخذ الكتاب منه!».
(٢) في الأصل : نبيّ الله تعالى كثرة أعوانه ، والمناسب ما أثبتناه موافقا لما في الذخيرة.
(٣) في الأصل : وحاربه ، والمناسب ما أثبتناه.
(٤) في الأصل : في موطن آخر ، والظاهر ما أثبتناه.
(٥) في الأصل : والواقعة ، وما أثبتناه مناسب للسياق.