زمانهم وبلادهم ، وبأعينهم وأسماعهم؟! (١) وهذا ممّا لا يتوهّمه إلّا ناقص العقل ، خال من الفطنة!
وكلامنا إنّما وقع فيمن لم يظهر له على خبر ولا أثر ، ولا علم له ولا وليّ ولا عدوّ ، وفرض نزول الكتاب عليه في فلاة من الأرض لا أنيس فيها له ولا صاحب غير من قدّرنا أنّه قتله وأخذ الكتاب من يده.
فاستحقّ السّؤال بهذا الترتيب والتقدير بعض الجواب ، ولو كان متضمّنا لما ذكرناه آنفا لم يستحقّ جوابا ، لكان (٢) المتعلّق به مجنونا (٣).
والوجه الثّاني من إفساد القسم الأوّل :
أنّ ما حكيناه من القصص والسّير والحوادث والوقائع ، لو كان جرى متقدّما لاستحال أن يتّفق حدوث أمثاله وما هو على سائر صفاته ؛ لأنّ استحالة ذلك في العادة معلوم لكلّ عاقل ضرورة ، بل معلوم عند العقلاء أنّ حدوث مثل قصّة واحدة تقدّمت في سائر صفاتها وخصائصها ، حتّى لا تغادر شيئا ، مستحيل. ولهذا نحيل أن يبتدئ الإنسان قصيدة من الشّعر أو كتابا مصنّفا ، فيتّفق لجماعة أو واحد مواردته في جميع قصيدته أو كتابه حرفا بحرف.
وإذا كنّا قد أحطنا علما بحدوث مخبرات الأخبار ـ الّتي أشرنا إليها ـ على يد نبيّنا صلىاللهعليهوآله ، ومتعلّقة به وبزمانه ، مطابقة للقرآن ، فقطعنا على أنّ أمثالها وما هو مختصّ بجميع صفاتها لم يقع فيما مضى. وكان ذلك في النّفوس أبعد من النّوادر في القصائد والكتب.
وليس يخفى على من كان له حظّ من العقل أنّ مثل وقعة بدر وحنين ـ في جميع أوصافهما ومكانهما ، وفرار من فرّ عنهما ، وثبات من ثبت ، إلى غير ذلك
__________________
(١) يبدو أنّ في العبارة اضطرابا أو سقطا.
(٢) في الأصل : ولعلّ ، والظاهر ما أثبتناه.
(٣) في الأصل : مجبنوبا.