من أحوالهما الّتي جرت ـ لم يقع فيما مضى. وأنّه لم يكن على عهد نبيّنا صلىاللهعليهوآله نبيّ جاءته المجادلة تستفتيه في الظّهار ، وسئل عن الرّوح (١) ، وانفضاض (٢) أصحابه عنه في يوم الجمعة طلب اللهو ، وأسرّ إلى زوجته حديثا أفشته ، والتّستّر في الغار مع بعض أصحابه ، إلى سائر ما عددناه. ولا معنى للإسهاب فيما جرى هذا المجرى في الظّهور والوضوح (٣).
وأمّا القسم الثّاني
وهو أن تكون هذه الأخبار إخبارا عمّا سيحدث في الوقت الّذي حدثت فيه ، ولا تكون مخبراتها واقعة فيما تقدّم ؛ ففاسد.
فإن عدلنا عن المضايقة في لفظ الأخبار ، ودلالة جميعها على الماضي الواقع ، وذلك أنّ جميع الأخبار الّتي تلوناها دالّة على تعظيم من ظهرت مخبراتها على يديه ، وتصديقه ونبوّته. ألا ترى إلى توبيخه تعالى للمولّين عن نبيّه صلىاللهعليهوآله في يوم بدر (٤) وحنين ، وتقريعه لهم من شهادته له بالرّسالة ، بقوله تعالى : (وَالرَّسُولُ
__________________
(١) في الأصل : الزوج ، والمناسب ما أثبتناه ، قال تعالى : («وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ) ...».
(٢) في الأصل : نفوض ، والمناسب ما أثبتناه.
(٣) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٣٩٩ : «وأمّا الوجه الثاني في إبطال القسم الأوّل : أنّ العادات تقتضي باستحالة أن يتّفق نظائر وأمثال لتلك القصص الّتي حكيناها ، حتّى لا يخالفها في شيء ، ولا يغادر منها شيء شيئا. واستحالة ذلك كاستحالة أن يوافق شاعر شاعرا على سبيل المواردة في جميع شعره وفي قصيدة طويلة. ومن تأمّل هذا حقّ تأمله ، علم أنّ اتّفاق نظير لبعض هذه القصص محال ، فكيف أن يتّفق مثل جميعها».
(٤) كذا في الأصل ، والصحيح يوم أحد بدل بدر ، حيث إنّ الصحابة تركوا رسول الله صلىاللهعليهوآله وحده ـ ولم يبق معه إلّا نفر قليل من أهل بيته ـ وانهزموا جميعا في معركتي أحد وحنين ، أمّا معركة بدر فإنّ النصر فيها كان حليف المسلمين وكانت الهزيمة للمشركين.