بالكتاب ، وأضيفت إليه (١) ؛ لأنّ الّذي يؤمن من ذلك علمنا بأنّ كلّ آية ـ أو آيات ـ اختصّت بالقصص والحوادث المذكورة تزيد (٢) على مقدار أقصر سورة من القرآن كثيرا. ومن سبر ما قلناه عرف صحّته (٣).
وإذا كنّا قد بيّنا أنّ التّحدّي وقع بسورة غير معيّنة ، وأنّ المعارضة تعذّرت ، فلا بدّ من القطع على أنّ مقدار أقصر سورة من سوره متعذّر (٤) غير ممكن ، فكيف يجوز مع هذا أن يكون ما تلوناه من الآي ـ أو ما اختصّ بقصّة واحدة منه ـ ممكنا لأحد من البشر؟! ولو تأتّى ذلك من أحد لتأتّى للعرب مع اجتهادهم وحرصهم!
فإن قيل : فاذكروا الجواب الّذي يختصّ به أهل الصّرفة ، كما وعدتم.
قيل : أمّا الجواب عن السّؤال على مذهب الصّرفة ، فواضح قريب ؛ لأنّا إذا كنّا قد دللنا على أنّ تعذّر المعارضة على العرب لم يكن لشيء ممّا يدّعيه خصومنا ، وإنّما كان لأنّ الله تعالى سلبهم في الحال العلوم التي يتمكّنون بها من المعارضة ، وأنّ هذه كانت حال كلّ من رام المعارضة وقصدها ، فقد سقط السّؤال عنّا ؛ لأنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله لو لم يكن صادقا ، وكان ناقلا للكتاب عن غيره ـ كما ادّعوا ـ لم يحسن صرف من رام معارضته والرّدّ عليه ؛ لأنّ ذلك نهاية التّصديق والشّهادة بالنبوّة ، لأنّه ـ صلوات الله عليه وآله ـ على مذهبنا إنّما تحدّاهم بهذا الوجه دون غيره ، فكأنّه
__________________
(١) قال المصنّف رحمهالله في كتابه الذخيرة / ٤٠٠ : «وليس لأحد أن يقول : فلعلّ هذه الآيات المقصوصة ليست من جملة الكتاب المعجز فيه ، وإنّما ألحقت وأضيفت إليه».
(٢) في الأصل : ويزيد ، والمناسب ما أثبتناه وفقا لما في الذخيرة.
(٣) قال المؤلّف في الذخيرة / ٤٠٠ : «وذلك أنّ الذي يؤمن من هذا الطعن : أنّا قد علمنا أنّ كلّ آية أو آيات اختصّت بما ذكرناه من القصص والحوادث ، تزيد على مقدار سورة قصيرة ، وهي التي وقع التحدّي بها وتعذّرت معارضتها ، فلو تأتّى لملحق أن يلحق بالقرآن مثل هذه الآيات لكان ذلك من العرب الّذين تحدّوا به أشدّ تأتّيا وأقرب تسهّلا».
(٤) في الأصل : متعذّرة ، وهي لا تناسب السياق.