بيان الوجه فيه ـ عند إيراده على سبيل الطّعن والشّبهة ـ لا بدّ أن يكون شرطا ، بدلالة أنّه متى ادّعي [و] لم يتقدّم العلم به للمستدلّ ، كان مجوّزا لما لا تصحّ الدّلالة مع تجويزه.
وليس له أن يقول : فكيف السّبيل إلى العلم بالاختصاص الّذي ذكرتموه ، وأنّ المعجز لم يظهر على غير مدّعي النّبوّة ، وذلك ممّا لا سبيل إليه إذا كان المعجز ممّا يمكن فيه النّقل والحكاية؟ لأنّا سنبيّن فيما نستقبله من الكلام الطريق إليه ، ونوضّح القول فيه ، ونكشفه بمشيئة الله تعالى وعونه.
فأمّا قوله : إنّ ظهور القرآن على يد الرّسول صلىاللهعليهوآله ، هو الاختصاص الّذي لا يمكن غيره ؛ لأنّه إن لم يكن حدث إلّا في تلك الحال لم يصحّ في الاختصاص غيره ، وإن كان قد حدث في السّماء على ملك ، فالاختصاص لا يصحّ إلّا على هذا الوجه. وحمله ذلك على تعلّق الفعل بالفاعل ، واقتصارنا عليه في الدّلالة ، من غير طلب لما هو لديه منه من التعلّق ... إلى آخر كلامه ؛ فباطل بما أوردناه ؛ لأنّا قد بيّنا أنّ الاختصاص الّذي اقتصر عليه غير كاف في الدّلالة ، وأنّه متى علم أنّ المظهر للمعجز على يد المدّعي هو القديم تعالى ، أو من أمره القديم تعالى بإظهاره استقامت دلالته.
وإن فرّق بين الاختصاصين يكون أظهر من كون أحدهما دالّا على الأمر المطلوب ، والآخر غير دالّ ، ولا ممّا يستحقّ أن يكون دالّا ، فكيف يصحّ ادّعاؤه مع ما ذكرناه أنّه لو لم يحدث إلّا عند ادّعاء النبوّة لم يكن له من الحكم إلّا ما له ، وإن كان حادثا من قبل؟
وقوله : «إنّ هذا الاختصاص هو الّذي لا يمكن غيره».
إن أراد نفي صحّة حصول اختصاص يزيد على ما ذكره فبما أوردناه يفسده ؛ لأنّا قد بيّنا اختصاصا أزيد ممّا اقتصر عليه ، ودللنا أيضا على أنّ دلالة المعجز