موقع التّصديق ، وهل يجوز أن يتقدّم ما هذه صفته الدّعوى (١) أم لا يجوز؟
وهل القدر الكثيرة الّتي يتمكّن بها من الأفعال الخارجة عن العادة ـ إذا كانت. هي المعجز والعلم الدالّ على الصّدق فيمن يختصّ بها ـ ويجوز أن يتقدّم الدّعوى ، أم لا يجوز أن يتقدّمها ، ولا بدّ من حدوثها في حال الدّعوى؟ فإنّ كلام صاحب الكتاب إلى هذه الغاية ليس يقتضي أكثر ممّا ذكرناه.
قال صاحب الكتاب (٢)
«وعلى هذا الوجه قلنا : إنّ المبتدئ بالاستدلال على تعلّق الفعل بالفاعل ، ودلالته (٣) على أنّه قادر قد يصحّ استدلاله متى علم تعلّقه بأحواله ، وإن لم يفكّر في أنّ الأعراض يجوز عليها الانتقال ، وإن كان متى عرضت له شبهة في ذلك يلزمه أن ينظر في حلّها ، لا لأنّ أصل استدلاله لم يصحّ ، وإنّما كان كذلك لأنّه مع تجويز الانتقال ، حال ما يظهر منه في أنّه يقع بحسب أحواله عنده ، كحاله متى لم يجز الانتقال عليه ؛ فوجه الدّلالة لا يتغيّر بهذا التّجويز ، فلم يتغيّر حاله في صحّة الاستدلال. فكذلك القول فيما ذكرناه من دلالة القرآن على النّبوّة.
يبيّن صحّة ذلك : أنّ الناظر في إحياء الموتى ـ وإن لم يستدلّ فيعلم أنّ الحياة لا يجوز فيها الانتقال والظهور والكمون ـ يمكنه أن يستدلّ به على صحّة النّبوّة ، من حيث علم أنّه لو لا صحّة النّبوّة لم يحدث ذلك بالعادة ، (فيقارن حاله عنده حال الأمور المستمرّة على العادة) (٤) ، فبهذه التّفرقة يمكنه الاستدلال ؛ فإذا كانت صحيحة ، وإن لم يقع النظر في أنّ حدوثه متجدّد في الحقيقة ، أو
__________________
(١) في الأصل : الدعوة ، خلافا لما جرى عليه المؤلّف في الكتاب.
(٢) المغني ١٦ / ١٧٠ ـ ١٧١.
(٣) في الأصل : دلالته ، وما أثبتناه من المغني.
(٤) زيادة من المغني ليست في الأصل.