ثمّ قال (١) : قيل له : لا يخلو من يسأل عن هذه المسألة من أن يكون مسلّما لنا أنّه معجز ناقض للعادة ، فإن (٢) سلّم ذلك فلا وجه لهذا الطعن (٣) للطّعن.
ثمّ قال : فإن قال : إنّي أسلّم أنّه معجز لنبيّ ما ، ولست أسلّم أنّه ممّا يصحّ أن يستدلّ به على نبوّة محمّد صلىاللهعليهوآله ، فلا فرق بين أن لا يثبت لكم ذلك ـ مع ثبوت كونه معجزا ، أو مع بطلان كونه معجزا ـ في أنّ غرضكم لا يتمّ.
قيل له : إذا صحّ أنّه معجز فلا بدّ أن يكون ظاهرا على رسول ، فلا بدّ من أن يكون تعالى كما لا يجوز أن يظهره على كذّاب ، فكذلك لا يجوز أن يمكّن منه من يكذب في ادّعاء النبوّة ، لأنّ الاستفساد في الوجهين قائم ، لأنّ ما لأجله لا يظهره على كذّاب هو أنّه لا يتميّز من الرّسول الصّادق في ظهور ذلك عليه ، ولا بدّ من أن (يكون تعالى يميّز) (٤) بينهما.
فكذلك إذا أمكن منه المتنبّي (٥) ، فقد حصل مثل هذه الصفة ، فيجب أن يقع من جهته تعالى المنع منه (٦) ؛ لأنّ الدّلالة قد دلّت على أنّه تعالى كما (٧) لا يفعل الاستفساد ، فكذلك يمنع منه في التّكليف ، وأحد الأمرين كالآخر في هذا الباب».
ثمّ سأل نفسه عن الشّبه الّتي يدخلها المكلّف على نفسه وعلى غيره في الأدلّة ، وأنّه إذا لم يجب على الله تعالى المنع منها ، وإن لم يجز أن يفعلها فألّا جاز مثله في باب المعجز؟ (٨)
__________________
(١) المغني ١٦ / ١٨٠.
(٢) في الأصل : وإن ، وما أثبتناه من المغني.
(٣) من المغني ، وفي الأصل : للطعن.
(٤) هكذا الأصل ، وفي المغني : يميّز تعالى.
(٥) ليست في المغني.
(٦) ليست في المغني.
(٧) زيادة في الأصل.
(٨) قال القاضي عبد الجبّار في المغني ١٦ / ١٨٠ : «وإن قال : أليس لم يمنع تعالى المكلّف من أن يدخل الشبه على نفسه وعلى غيره في باب الأدلّة ، وإن كان تعالى لا يجوز أن