وهذا بعينه جوابنا لمن قال : ألا أجزتم أن يتقدّم تمكين الله للرّسول صلىاللهعليهوآله من فعل القرآن بفعل العلوم فيه زمان النّبوّة؟!
وما المانع أيضا من أن يتقدّم الإقدار على نقل الجبال ، وقلب المدن وما أشبههما ؛ وإن وقع الفعل من المدّعي النّبوّة في الحال ، ويكون القصد بذلك ـ وإن تقدّم ـ إلى التّصديق؟! لأنّا إذا كنّا قد بيّنا أنّ ما هو مقصود به من التّصديق لا يتمّ ولا يصحّ إلّا بعد أن تتقدّم الدّعوى ، وأنّ تقدّمها (١) بغير التّصديق لا (٢) يجوز ، فقد صحّ ما قلناه وبطل جميع ما ذكره صاحب الكتاب في الفصل.
قال صاحب الكتاب (٣) :
فإن قال : إذا جوّز في القرآن أن يكون منقولا إليه على هذا الوجه عند استدلاله ، فيجب أن يجوّز (٤) أن يكون (٥) ظهر على بعض النّاس ، أو بعض من يعصي ويستفسد ، ثمّ نقله هو إلى نفسه ، أو نقله غيره إليه (٦) ، فلا يصحّ أن يستدلّ به على النّبوّة ، لأنّكم قد ذكرتم أنّه (٧) إنّما يدلّ على النّبوّة إذا كان حادثا من قبله تعالى ، أو من قبل الرّسول صلىاللهعليهوآله ، بأن (٨) يصدر عن علوم خارقة للعادة يحدثها [الله تعالى] (٩) فيه عليهالسلام ، أو بأن يكون واقعا من ملائكة ، قد علم من عادتهم أنّهم لا يفعلون ما هو استفساد.
فإذا كان كلّ ذلك منتفيا (١٠) فيما ذكرناه ، فيجب إذا جوّزه ألّا يصحّ أن يستدلّ به على النّبوّة.
__________________
(١) في الأصل : تقدّمه ، والمناسب ما أثبتناه.
(٢) في الأصل : ولا.
(٣) المغني ١٦ / ١٧٩.
(٤) في الأصل : يكون ، وما أثبتناه من المغني.
(٥) في الأصل : أن يكون أيضا.
(٦) إليه : ليست في المغني.
(٧) من المغني.
(٨) في الأصل : أن ، وما أثبتناه من المغني.
(٩) من المغني.
(١٠) في المغني : متيقّنا.