على وجه الإعجاز ، وجب أن لا يكون في ظهوره فائدة ، ولا في التحدّي بالمنع من معارضته.
وهذا ممّا لا يخفى بطلانه على أحد ؛ لأنّه لا شيء من الأفعال يقع المنع منه على وجه الإعجاز إلّا ولو قام مقامه غيره لم يختلف وجه الدّلالة ، ولا يقتضي ذلك ألّا يكون فيما وقع المنع منه من الأفعال فائدة.
على أنّ من ذهب في إعجاز القرآن إلى الفصاحة ، يلزمه إذا كان الله تعالى قادرا على أن ينزل مكان هذا القرآن غيره ممّا يماثله في الفصاحة أو يزيد عليه فيها زيادة كثيرة ، ونحن نعلم أنّه لو أنزل ما هو أفصح منه ، لكان الأمر في إعجازه أظهر ـ إلّا أن يكون في إنزال القرآن والتحدّي به فائدة.
فإن قال : من ذهب إلى ما ذكرناه ـ أنّه وإن جاز أن ينزّل غيره ويقوم في الدّلالة مقامه ، أو يكون أوضح أمرا منه ـ فيجب إذا لم يفعل ذلك وأنزل هذا القرآن ، أن يقع التحدّي به ، لينكشف الأمر في إعجازه. ولو أنزل غيره لكان التحدّي يقع بذلك.
قيل له : وهكذا يجب ـ إذا كان الله تعالى قد جعل دليل نبوّة رسوله عليه وآله السّلام المنع من معارضة هذا القرآن دون غيره ـ أن يقع التحدّي بالقرآن أو المطالبة بالإتيان بمثله ، لينكشف الأمر في المنع الّذي هو العلم على صدقه.
ولو جعل دليل النبوّة امتناع الكلام ، أو الحركات ، أو غيرهما من الأفعال ، لكانت المطالبة تقع بتلك الأفعال.
فأمّا قوله : «وهذا ممّا يعلم بطلانه باضطرار ؛ لأنّه عليه وآله السّلام تحدّى بالقرآن وجعله العمدة». فإن أراد أنّ المعلوم بطلانه باضطرار أنّه صلوات الله عليه وآله لم يتحدّ بالقرآن ولا طالب القوم بمثله بل عدل إلى سواه فيما طالبهم بفعله ، فلا شكّ في بطلان ذلك. وهو إذا صحّ كان شاهدا لقولنا وغير مناف