لمذهبنا ، على ما بيّناه.
وإن أراد ـ فيما ادّعى العلم ببطلانه اضطرار ـ شيئا آخر غير ما ذكرناه ، فقد كان يجب أن يفصح به ، وما نظنّه أراد غيره. وقوله : «بأنّه عليه وآله السّلام تحدّى بالقرآن وجعله العمدة» عقيب ذكر الاضطرار ، يدلّ على أنّه أراد ذلك.
وكيف لا يجعله عليهالسلام العمدة في ذلك والمفزع في الحجّة ، والأمر في نبوّته لا يكشف إلّا بالنّظر فيه ، والعلم بأنّ القوم طولبوا بالإتيان بمثله وببعضه فلم يفعلوا. وأنّ امتناعهم من معارضته إنّما كان للتعذّر والقصور اللّذين سببهما ما فعله الله تعالى فيهم من المنع وسلب العلوم.
فإن قال : المعلوم من حال النّبيّ صلىاللهعليهوآله ، خلاف ما يذكرونه (١) ويذهبون إليه ؛ لأنّه عليه وآله السّلام كان يجعل القرآن دليل نبوّته ، والعلم على صدقه ، ويذكر أنّ الله تعالى أبانه به ، ومذهبكم يخالف جميع ما ذكرناه.
قيل له : أمّا المعلوم الّذي لا إشكال فيه فهو أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله كان يحتجّ بالقرآن ، ويدعو في الاستدلال على نبوّته إليه ، ويطالب العرب بفعل مثله ، ويشهد قاطعا متيقّنا بأنّهم لا يفعلون ، ويجعل قصورهم دليل نبوّته.
فأمّا وجه الاحتجاج به ، وهل هو لأنّ القرآن بنفسه المعجز ، أم مستند إلى ما هو المعجز على الحقيقة ومتعلّق به ، وكون قصور القوم عن المعارضة دليلا على نبوّته؟ وهل ذلك لأنّ القرآن في نفسه خارق للعادة بفصاحته ، أم لأنّهم منعوا من المعارضة وصرفوا عنها؟ ممّا ليس بمعلوم من جهته عليه وآله السّلام ولا من ظاهر حاله ، وإنّما يعلمه النّاظر بالدّليل الّذي ربّما خفي إدراكه على كثير من المتكلّمين.
__________________
(١) في الأصل : يذكر فيه ، والمناسب ما أثبتناه.