أضعافها ؛ لأنّه قد يلتبس عليهم الفرق بين فصّ بعشرة دنانير والآخر بألف دينار ، وكذلك في الثّياب ، حتّى يفتقر في العلم بما هذه حاله إلى ذوي الحذق والبصيرة.
وهذا يبيّن أنّ اللّبس لم يقع مع التفاوت والتباعد إلّا من الوجه الّذي ذكرنا ، وأنّه لا يجب أن يظهر الفرق بين سائر الأشياء على نسبة واحدة ، وفيه بطلان ما اعتمدتموه.
الجواب :
يقال له : هذا الّذي ظننته عكس العقول ، وقلب موجباتها ؛ لأنّ من المعلوم أنّ ظهور الفرق بين الشّيئين تابع لمزيّة أحدهما على صاحبه ، وكلّما كانت المزيّة أكثر كان الفرق أظهر ، لو لا هذا لجاز أن يفرّق بين الكبير والصّغير من الأجسام من لا يفرّق بينهما ، إذا كان الكبير أكبر ممّا هو عليه ، والصّغير أصغر ممّا هو عليه ، على ما كنّا ذكرناه فيما تقدّم من بعض الكتاب.
والّذي ذكرته في الثّياب والفصوص غير مماثل ـ إذا صحّ ـ لما نحن فيه ؛ لأنّه غير منكر أن يفرّق بين الفصّين من لا يفرّق بين غيرهما ، وإن كانت القيمة في اللّذين لم يفرق بينهما أكثر تفاوتا منها في اللّذين فرّق بينهما ، وإنّما جاز ذلك من حيث لم تكن زيادة القيمة في الجواهر تابعة لوجه واحد دون غيره ، حتّى تزيد بزيادته ، وتنقص بنقصانه ، بل هي تابعة لوجوه كثيرة.
ولو كان الوجه الّذي فرّق بين الفصّين بعينه هو الّذي زاد وتضاعف في غيرهما لاستحال ألّا يظهر لمن ظهر له ما نقص عنه.
يبيّن ما ذكرناه أنّ من فرّق بين الفصّ الياقوت وغيره ، للونه أو لمائه مثلا ، لم يجز أن يتضاعف ما من أجله فرّق ، والفرق غير حاصل ، وإن جاز أن تتزايد