من القرآن ، ولم ينقل شيء من ذلك ، للعلّة التي ادّعى المخالف أنّها منعت من نقل معارضة أحدهم. وما يلزم من هذا أكثر من أن يذكر ، والتّنبيه على بعضه يغني عن ذكر سائره.
ولا سبيل إلى الامتناع من شيء ممّا ذكرناه وإقامة الدّلالة على بطلانه ، إلّا وهو بعينه طريق إلى العلم بانتفاء معارضة القرآن ، ودليل على بطلانها.
فإن قيل : أليس النّبيّ صلىاللهعليهوآله قد نصّ عندكم على أمير المؤمنين عليهالسلام بالإمامة ، وأعلن ذلك وأظهره ، وإن كنّا لا نجد الأمّة تنقل هذا النصّ ، ولا نعلمه كعلمها بأمثاله من الأمور الظّاهرة ، وإنّما يدّعي نقله من بين جماعة الأمّة فرقة قليلة العدد بالإضافة إلى جميع فرق الأمّة ، وتزعمون أنتم أنّ العلّة في عدول الجمهور عن نقله وإطباقهم على كتمانه انعقاد الرئاسات ، وطلب الولايات ، ودخول الشّبهات ، والميل إلى الهوى والعصبيّة ، إلى أمور كثيرة تذكرونها؟!
فإنّ السبب في خفاء النّصّ ، وقصوره في باب الظّهور من سائر الأمور الظّاهرة ، كثرة دافعيه وغلبتهم ، وقلّة المقرّين وخمولهم ، وأنّ ناقله لم يزل خائفا (من نقل وقوعه مشفقا) (١) منه ؛ فألّا جاز أن يكون القرآن قد عورض ، وخفيت معارضته علينا ولم ينقل بمثل سائر ما ذكرتموه من الغلبة والولايات والرئاسات والخوف والتّقيّة؟!
قلنا : قد رضينا بما نذهب إليه في النّصّ مثالا وعيارا ؛ لأنّ النّصّ لمّا إن وقع ـ فدعت قوما الدّواعي إلى قلبه وكتمانه والعدول عن نقله وروايته ، ودعت آخرين الدّواعي إلى روايته ونقله ـ وقع من كلّ فريق ما تقتضيه دواعيه ، فحصل الكتمان من قوم والنقل من آخرين ، وإن كانوا أقلّ عددا منهم.
__________________
(١) في الأصل : من واقعة مشفيا ، والظاهر ما أثبتناه.