واقتطعتنا عن فعلها!
وأمّا التعلّق بأنّهم لم يعارضوا خوفا من أوليائه وقوّة دولته ، فأضعف من كلّ ما تقدّم.
والجواب عنه : إنّ خوفا لم يمنع من نصب الحروب وزحف (١) الجيوش في مقام بعد مقام ، ومرّة بعد أخرى ، ولم يمنع أيضا من الهجاء والقذف.
وادّعاء المعارضة بأخبار الفرس لا يجوز أن يكون عند عاقل مانعا من فعل المعارضة.
على أنّه قد بيّنا فيما مضى أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآله كان مدّة مقامه بمكّة هو الخائف ، وأنّ أصحابه ونصّاره في تلك الأحوال كانوا قليلين مغمورين مهتضمين ، وأنّ قوّة الإسلام وأهله كان ابتداؤها بالمدينة.
ولم يخل الكفّار أيضا في أحوال القوّة والغلبة والتمكّن ـ وإلى الآن ـ من بلاد واسعة ، وممالك كثيرة ، لا تقيّة على أهلها من الإسلام وأهله. فقد كان يجب أن يعارضوا في أوّل الأمر كيف شاءوا ، وفي أحوال القوّة والتّمكّن في بلدانهم ، وبين أعداء الإسلام. وإذا لم يفعلوا فقد صحّ أنّ تعذّر المعارضة كان على وجه مخالف للعادة. وهذا بيّن لمن تأمّله ونصح نفسه. تمّ الكتاب.
كتبه محمّد بن الحسين بن حمير الجشميّ ، حامدا لله تعالى على نعمه ، ومصلّيا على النّبيّ محمد وعترته ، ومستغفرا من ذنوبه ، وفرغ منه يوم الأربعاء منتصف المحرّم سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
__________________
(١) في الأصل : وان خف ، والظاهر ما أثبتناه.