قبيحا فننزّه الله عن فعله. وكلّ واحد منها ينفي العلم ، كما ينفيه الجهل والسّهو والشّكّ والنّسيان ؛ وإن كان في إثباتها معاني خلاف وكلام ربّما التبس.
قال : ليس في الظنّ معنى ، والصّحيح أنّه جنس مضادّ للاعتقاد ، لعلمنا باستحالة كون أحدنا ظانّا للشيء وعالما به في حال واحد ، كما يستحيل كونه عالما به وجاهلا ؛ فما دلّ على أنّ الجهل ضدّ العلم هو دالّ على أنّ الظنّ ضدّ له أيضا. ولأنّ أحدنا يميّز بين كونه معتقدا للشيء وظانّا له ، ويفرّق بين حاليه في ذلك. ولو لا أنّه مضادّ للاعتقاد لم يقع هذا الفرق والتمييز ، فقد سقط السؤال على كلّ حال.
فإن قال : إذا كان الصّحيح عندكم استحالة البقاء على العلوم ، وإنّ (١) العرب إنّما صرفوا عن المعارضة بأن لم يفعل لهم العلم بها في الحال ؛ فأيّ معجز هاهنا؟ وأين ما يوصف بأنّه دلالة على صدق الرّسول صلىاللهعليهوآله؟ والصّرفة على هذا ليست أكثر من عدم العلوم بالفصاحة الّتي لم تكن موجودة ثمّ عدمت ، بل عدمها مستمرّ. والموجود إنّما كان أمثالها ؛ فكيف توصف بأنّها المعجز ، والمعجز ما وقع موقع قول القائل للمدّعي عليه : صدقت. وليس يقع هذا الموقع إلّا ما كان فعلا واقعا أيضا على وجه مخصوص!
قيل له : المعجز ـ في دلالته على صدق الرّسول ـ كأحد الدلائل الدّالّة على ضروب المدلولات. وليس من حدّ الدّلالة أن تكون ذاتا موجودة ، أو فعلا حادثا على الحقيقة ، بل الدّلالة ما أمكن أن يستدلّ بها على ما هي دلالة عليه.
وإن كان قد ألحق قوم بهذا الحدّ : أن يكون لفاعلها (٢) أن يستدلّ بها ولها ، ما يستدلّ بعدم الغرض على حدوثه ، وبتعذّر الفعل على أنّ من تعذّر عليه ليس بقادر.
__________________
(١) في الأصل : وإنّما ، والمناسب ما أثبتناه.
(٢) في الأصل : فاعلها ، وما أثبتناه مناسب للسياق.