المشرق ببلدة؟
وهب أنّ هذا حقّ بالأدلّة عليه ، ليس جهل المستدلّ على النّبوّة في ذلك أو شكّه فيه بمخرج له من صحّة الاستدلال ـ بتأخّر الشّمس عن الطّلوع ـ على النبوّة إذا وقع على الوجه الّذي كان ذكرناه.
ولو كان المعجز ما ذكرته لكان من فقد العلم به لا يتمكّن من الاستدلال على صدق الرّسول ، وإن عدم طلوع الشّمس على الوجه الّذي ادّعاه واحتجّ به ، وقد علمنا خلاف ذلك.
وبعد ، فلو كان المعجز هو سكون الشّمس في بعض المواضع الغائبة عن أبصارنا لوجب أن يكون ذلك معجزا ، وإن أطلع الله تعالى شمسا غيرها على هيئتها وجميع أوصافها من المشرق. ونحن نعلم أنّه لو فعل ذلك لم يكن سكونها في الموضع الّذي سكنت فيه معجزا ، ولا ممّا يدلّ على النّبوّة.
فإن قال : إنّما لم يكن سكونها ـ والحال على ما قدّرتموه ـ معجزا ولا دليلا ، من حيث كان المستدلّ يجوّز أن تكون هي الطّالعة عليه لا مثلها. وإذا جوّز ذلك لم يعلم صدق الخبر بأنّها لا تطلع.
ولو كان له سبيل إلى العلم بأنّ الشّمس الّتي جرت العادة بطلوعها قد سكنت في بعض المواضع الغائبة عنه ـ وإن طلع مثلها عليه ـ لأمكنه الاستدلال على صدق المدّعي.
قيل له : كان سكون الشّمس في الموضع الغائب إنّما يكون دلالة على النّبوّة إذا لم تطلع شمس أخرى مكانها. وإذا جاز هذا أمكن أن يقال في مقابلته :
والمعجز أيضا للنّبيّ صلىاللهعليهوآله هو العلوم الّتي يفعلها الله تعالى في العرب بالمدركات والصّناعات وغيرها من العلوم الضّروريّة ، منفردة عن العلم بالفصاحة وطريقة النّظم ؛ إذا راموا المعارضة فتعذّرت عليهم ؛ لأنّه كان تعالى قد أجرى العادة