وذلك اليقين بالمجموع قد انتقض بارتفاع أحدهما فان الكل يرتفع بارتفاع الجزء فهو أيضا باطل لأن اليقين التفصيلي بمجموع الاطراف ليس بموضوع الحكم لا تنقض فلا يشمله وانما الموضوع له كل يقين تفصيلي لكل طرف من أطراف العلم الاجمالي فان (لا تنقض) تشمل كل يقين تفصيلي بكل طرف على حده وهو فرد بنفسه لا ربط له بفردية الآخر من قبيل شمول العام لأفراده ولا ريب ان مجموعها منضم بعضها الى بعض ليس بفرد له كما هو شأن كل عام وكل مطلق فان مثل مفهوم (العالم) يشمل (زيدا وعمرا وخالدا) كلا في حد ذاته ونفسه من دون انضمام زيد الى عمر وخالد بل اذا اعتبر الانضمام لم يكن فردا للعالم فانه لازمه جزئيته للمفهوم ويكون شمول المفهوم له من قبيل شمول المركب لاجزائه لا من قبيل شمول العام لأفراده ولذا كان الحكم الثابت للعام يفهم منه ثبوته للافراد لا للمركب منها.
فتلخص إن العلم الاجمالي لا يصلح لنا قضية العلم التفصيلي بجميع الوجوه والانحاء وانما كان الناقض للعلم التفصيلي هو الشك الموجود معه المختلط به فتشمله أدلة (لا تنقض).
إن قلت لا ريب إن العقل يحكم بوجوب الاجتناب للإناءين اللّذين وقع في أحدهما السم القاتل والعقلاء سيرتهم على ذلك ولذا يمتنعون من شراء المأكولات التي يعلمون إجمالا بتسمم بعضها وفيما نحن فيه نعلم بوجود القبح والضرر بالمخالفة في واحد من أطراف العلم ففي ارتكاب الجميع نقطع بارتكاب القبح والضرر وبارتكاب أحدهما يكون ارتكابا لمحتمل الضرر وعليه ففي الصورة الاولى نحكم بعدم جريان الاستصحابين.
قلنا هذا حكم للعقل ولذا يتبعه المتشرع والملحد ولم يصدر من العقل حكم بضده عند الشك فيه وهو تابع سعة وضيقا لحكم