ان قلت سلمنا ذلك لكن العقل يمنع منه لانه لا إشكال في مضادة الاحكام بعضها مع بعض فلا بد أن يكون العلم بحكم يمنع من الدليل على مخالفته فالعلم الاجمالي بخلاف مؤدى الاصول الجارية في الاطراف يمنع منها فالعلم الاجمالي بطهارة أحد الإناءين يعاند ويضاد الحكم بنجاستهما المستصحبة لهما لأن الفرض إن العلم الإجمالي قد تعلق بالحكم الذي لو تعلق به العلم التفصيلي لكان حكما حقيقيا تام الحكمية مع ان مؤدى الاستصحابين أو الاستصحابات الجارية في أطراف العلم الاجمالي مضادة له ومغايرة له فيلزم اجتماع الحكمين المتضادين في مورد واحد وهو المورد المتصف واقعا بالحكم المعلوم بالاجمال ومع وجود المضاد الواقعي من الشارع لا يعقل جعله لضده فلا يعقل شمول أدلة الاصول لاطراف العلم الاجمالي.
قلنا اختلاف المرتبة تصحح الجمع فان الاصول حكمها في مرتبة الشك والمعلوم بالاجمال في مرتبة الواقع وهذا هو المحذور الذي ذكره القوم في اجتماع الحكم الظاهري مع الواقعي فما أجبنا به هناك حرفيا نجيب به هنا وقد تقدم منا في أصل البراءة ما ينفعك هنا ويصح الاجتماع من ان للشارع وللمولى أن يجعل في مرتبة الظاهر وهي مرتبة الجهل بالواقع ما هو خلاف الواقع ألا ترى إن للمولى ان يقول لعبده اكرم زيد ثم يقول له اذا لم تعرفه بعينه فلا يجب عليك اكرامه فلو تردد عنده بين اثنين أو ثلاثة ولم يكرمهم واجرى أصل البراءة من وجوب اكرامهم فهل ترى في نفسك ان للمولى ان يعاقب عبده على عدم اكرامهم.