ورمزه وهذا معنى جعل شم الفقيه للحكم من الأدلة وصيرورة الشم دليلا للمجتهد وانها لكلمة حق ومنطق صدق يعرفها أهلها وينكرها من لم يكن كفوا لها ومنهم من فقد حاسة الشم فجمد على ما رآه أو سمعه لا ينتقل من شيء الى آخر ولا من مفهوم الى مفهوم ولا من مراد الى مراد لعدم تبينه أنفه له لأن من لم يشم الشيء لا يهتدي اليه اذا كان لا يبصره ولا يسمعه فجمد على المناطيق والنصوص وزاد على المعاصرين في الاقتصار على الخصوص وعلى المشافهين في الجمود وهو يرى ان عمل القدماء على الشم وتمييز الصحيح والفاسد مبني عليه وان قلت اليه الحاجة هناك وكثرة هاهنا. وبالجملة فالشم من الادلة الشرعية والظن الحاصل به دليل وأي دليل يهدي الى السبيل وغير الحاصل من الأدلة بل الحاصل من شهرة أو رأي أو استحسان أو غير ذلك من قرعة أو تفاؤل أو استخارة فهو ضلال ولا يجوز الأخذ به بحال ومن نظر وتتبع أحوال الفقهاء من قديم الزمان الى هذا الآن يجد انه لو لا أن الشم من مجموع الأدلة أو من مفرداتها ومن أدلة كل باب منها لما كتبوا كتب الفروع واكثروا من تشقيق المسألة الواحدة الى ما يقرب المئات وأفتوا بها وليس عندهم نص في ذلك من عموم أو خصوص كالعلامة في ثلثي القواعد والتحرير وكذا الدروس بل والمبسوط وحاشاهم من الأخذ بغير دليل أو عمل بالقياس والاستحسان بل عملهم على الظنون الناشئة عن الادلة الخاصة وهو معنى الشم فظهر انه لا يجوز الاخذ بكل ظن ولا الجمود على الظنون المخصوصة بل هو أمر بين أمرين ، انتهى مصححا على النسخة التي كتبها المرحوم عمنا عبد المجيد بن الهادي بن العباس بن علي بن جعفر كاشف الغطاء في سنة ١٣٢١ ه.