القبح والهرج والمرج وعدم الدليل عليه بل الدليل على عدمه وضرورة بقاء التكليف لا يتيقن منها إلا العمل بالمعلوم والمظنون الذي شرع لنا العمل به في الجملة سابقا ولاحقا مع العمل بهذين فلا ضرورة تقتضي ببقاء التكليف مطلقا قطعا بل المتيقن من وجوب العمل بتكاليف الشارع انما هو فيما علم أو ما كان بمنزلة العلم واما ما لم يكن كذلك فلا تكليف به ولا وجوب عمل به بل يحرم العمل من غير دليل.
والحاصل انه يكفي في رفع القطع ببقاء التكليف والضرورة الدالة على ذلك العمل بما هو معلوم أو ما ثبت انه كالمعلوم في الزمن السابق وان زاد وتكثر في الزمن اللاحق فعلى ما ذكرنا يكون كل ظن نشأ من الادلة الشرعية في سند أو دلالة من منطوق أو مفهوم قريب أو بعيد أو حكم متصيد من مجموع خطابات الشارع أو من مجموع أفعاله حجة أو مجموع سيرته وطريقته وتقريره أو متصيد من كيفية خطاباته وألحانه ورموزه وظواهره وبطونه فهو حجة على من فهم لمشروعية العمل بالظن الناشئ من الادلة الشرعية في الزمن السابق على جميع هذه الانحاء وان زادت وكثرت ومثل هذه الظنون الاعتماد على الظنون الرجالية في علم الرجال والظنون الموضوعية في علم التفسير والحساب والهيئة ومثلها الظنون الناشئة عن التراجيح في الاخبار أو التراجيح في الالفاظ في مسائل الدوران أو الظنون في فردية الموضوع للموضوعات العرفية فانها حجة أيضا ولكن يختلف الفاهمون في مراتب الوصول والعالمون في درجات الحصول فمنهم من يكون ذا فكر صائب ورأي ثاقب سريع الانتقال من الدليل الى مدلوله ومن الملزوم الى لازمه ومن الاصل الى فرعه ومن الظاهر الى باطنه ومن مجموع الأدلة الى أحكام غير منصوصة وفروع غير مذكورة قد ورد ما مضمونه ان الفقيه لا يكون فقيها حتى يعرف لحن الخطاب