ثمن العذرة ليس بسحت لأن قاعدة لا ضرر كما تقدم إنما هي أخبار عن عدم جعل الحكم الضرري وفيما نحن فيه لما كان لا بد من أحد الحكمين أما حرمة إضرار الغير أو عدمها في صورة الاكراه على إضرار الغير فيكون الاخبار بعدم أحدهما يكذبه الاخبار بعدم الآخر واذا لم تجيء قاعدة لا ضرر فيه فيبقى عندنا في المقام قاعدة الاكراه مع التكليف بحرمة إضرار الغير ويقع التنافي بينهما فقاعدة الاكراه تقتضي عدم حرمة إضرار الغير والتكليف بحرمة إضرار الغير يقتضي ثبوت الحرمة باضرار الغير ويمكن ان يقال بل ربما قيل بتقديم قاعدة الاكراه على حرمة إضرار الغير لأن أدلة قاعدة الاكراه حاكمة على أدلة التكاليف الشرعية لكون لسانها لسان نفي لكل تكليف أوّلي يكره الانسان على مخالفته. ولا ريب ان حرمة إضرار الغير نظير حرمة شرب الخمر من التكاليف الأولية فترتفع عند الاكراه على مخالفتها كما ترتفع حرمة شرب الخمر. ولكن يمكن ان يقال ان أدلة نفي الاكراه لا تشمل صورة الاكراه على إضرار الغير لوجهين : ـ
الأول إن المستفاد من أدلة الاكراه ولو بقرينة الحال ومناسبة الحكم للموضوع أنّ نفي الحكم عما أكره عليه ليس إلا من جهة دفع الضرر وعدم تحققه على المكلف. وعليه فلا يعقل أن تكون أدلة الاكراه تشمل المورد الذي يكون نفي الحكم عنه يوجب الضرر على المكلف. فان ما شرع لعدم تحقق شيء لا يعقل أن يوجد هذا التشريع في مورد يوجب ذلك الشيء. وعليه فلا تشمل أدلة الاكراه ما نحن فيه لأن رفع حرمة إضرار الغير عند الاكراه على إضراره يستلزم تحقق الضرر على الغير وهو خلاف ما شرعت له فلا بد أن نلتزم بعدم تشريعها في المقام وهذا نظير قولهم عليهمالسلام «انما جعلت التقية ليحقن بها الدماء فاذا بلغ الدم فلا تقية»