الثاني ان أدلة نفي الاكراه انما كانت واردة في مقام الامتنان على الأمة باباحة ما أكرهوا عليه ولا منّة على الأمة في إباحة الاضرار بالغير مطلقا. وعليه فيكون الثابت في مقام الاكراه على إضرار الغير هو حرمة الاضرار للغير بلا معارض. ولكن يمكن أن يجاب عن الوجهين المذكورين.
إما عن الأول فبأن أدلة الاكراه هي ترفع كل حكم كان يحدث بسببه الضرر. وفيما نحن فيه الحكم بحرمة إضرار الغير يحدث بسببه الضرر على المكره من الجائر بخلاف عدم هذه الحرمة فانه لا يحدث بسببها الضرر على الغير لأن الضرر على الغير كان متوجها من الجائر إليه سواء امتنع المكره عن إضراره أم لم يمتنع وبهذا تعرف الجواب عن الوجه الثاني لأن المنة هي عدم حدوث الضرر بالتكليف وأما رفع التكليف الذي يكون الضرر موجودا سواء رفع أم لم يرفع فلا منّة في رفعه وفي المقام رفع حرمة إضرار الغير فيها منّة على المكره لأن بالحرمة يتوجه عليه الضرر من المكره وليس برفعها يتوجه ضرر على الغير لأن الضرر هو متوجه على الغير من الجائر سواء رفع الشارع الحرمة أم أبقاها. وبهذا يظهر لك إن قاعدة لا ضرر أيضا لا تتعارض في المقام لأنها إنما ترفع التكليف الذي به يتوجه الضرر. وعدم حرمة اضرار الغير قد عرفت إنه لا يتوجه به ضرر على الغير لأن الضرر متوجه له من الجائر سواء رفعت حرمة إضرار الغير من المكره أم لم ترفع بل ان من مقام المنة أن يرفع حرمة إضرار الغير عن المكره إذ لو لم يرفعها لكان الجائر يوقع الضرر على المكره وعلى الغير فيكونان تضررين بدل الواحد. وعليه فقاعدة (لا ضرر) وقاعدة الاكراه متفقتان على رفع حرمة إضرار الغير عن المكره لتوافقهما بحسب المؤدى بل وقاعدة لا حرج فيما اذا كان بمخالفة الجائر حرج عليه وعند ذا