المطلب في كتاب الاحكام عند التكلم في قاعدة لا حرج في المقام الثالث في المرفوع بها. واما دعوى أنّه لو كانت قاعدة (لا ضرر) تشمل الضرر النوعي لكانت تنفي وجوب الجهاد والقصاص ونحو ذلك مع انها لا تنفيها ولم يتمسك بها الفقهاء في نفيها. فهي مدفوعة بما عرفته منا من ان أدلة لا ضرر انما هي تنفي الحكم عن الموضوع اذا كان ثبوته له بنحو العموم لا ما اذا كان ثابتا له بنحو الخصوص فان دليله حينئذ يكون أخص من أدلة (لا ضرر) فلو قدمنا (لا ضرر) عليه يلزم إلغاؤه بالمرة ولذا الدليل الحاكم لا يقدم على الدليل المحكوم اذا كان دليل المحكوم أخص منه هذا مع قطع النظر عما قيل من ان المذكورات من الجهاد ونحوه ليست فيها ضرر نوعي لانها بها حفظ النظام كما هو مقتضى كون الاسلام جاء لسعادة البشر في الدارين لا لشقائهم فيكون خروجها عن قاعدة (لا ضرر) من قبيل التخصص لعدم كون متعلقات تلك الاحكام على هذا ضررية وعليه فيتمسك بقاعدة (لا ضرر) في رفع تلك الاحكام عن أفراد متعلقاتها اذا كان فيها ضرر زائد عن المتعارف كما لو كان في القصاص بقطع اليد ضرر زائد على المتعارف لكون أدلة قاعدة الضرر اذ ذاك تكون حاكمة على أدلتها نظير حكومتها على سائر أدلة الاحكام الشرعية. واما اذا قلنا أنها مخصصة لأدلة قاعدة (لا ضرر) كما هو الحق لأن الظاهر من الضرر هو الضرر المتعارف فحينئذ لا يتمسك بقاعدة (لا ضرر) في نفي تلك الاحكام لا عن موضوعاتها لانها أخص من أدلة لا ضرر وصريحة الثبوت بها ولا عن افراد موضوعاتها التي يكون فيها ضرر زائد على المتعارف لكونها قد خرجت تلك الموضوعات عن قاعدة (لا ضرر) بتخصيصها لها.
والحاصل ان أدلة لا ضرر كما تنفي الحكم عن الموضوع