الاستصحاب عين موضوع الاصول النقلية وليس لسان دليله رافعا لموضوعها تنزيلا ولا إن لسان دليله مفسر لدليلها سعة أو ضيقا.
إن قلت إن قوله عليهالسلام «لا تنقض اليقين بالشك» يدل على إن الشك ملغى عند اليقين السابق فيدل على تنزيله منزلة عدمه مثل لا شك مع كثرة الشك ولا سهو في كثرة السهو فيكون الاستصحاب واردا عليها لانه يرفع ما أخذ في موضوعها تنزيلا.
قلنا هذا لو تم لكان اليقين في الاستصحاب أمارة مجعولة يثبت به حتى لوازمها كالامارات ولكن قد عرفت أن أدلة الاستصحاب لا تدل على ذلك وانما تدل على جعل الشارع المتيقن في ظرف الشك وليس الشك ملغى فيها كالامارات وكيف كان فقد أورد على تقديم الاستصحاب على الاصول العملية :
أولا إن البراءة مقدمة على الاستصحاب فيما لو دار الأمر بين الأقل والاكثر فان البراءة من وجوب الاكثر مقدم على استصحاب بقاء التكليف عند الإتيان بالأقل ولا يخفى ما فيه فان الذي يصلح للاستصحاب هو وجوب الأقل لانه هو المتيقن والزائد عليه مشكوك وجوبه من الاول فالاصل البراءة منه فاختلف موردهما.
وأورد عليه ثانيا بالموثقة «كل شيء لك حلال حتى تعلم إنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك وذلك مثل الثوب عليك ولعله سرقه». حيث إن ظاهرها كون الحلية في الامثلة المذكورة مستندة الى أصالة البراءة مع أنّ فيها الاستصحابات التي تقتضي الحرمة وذلك يكشف عن تقديم أصالة البراءة على الاستصحاب.
وجوابه إنا لو سلمنا ذلك فللشارع أن يقدم أي أصل على أي أصل في موارد خاصة ومحل تنقيح هذه الرواية في مبحث أصل البراءة.
ويرد عليه ثالثا بمثل ما اذا غسل ثوبه النجس بماء مشكوك