وحرج صدره يحرج حرجا : ضاق فلم ينشرح لخير ، فهو حرج وحرج فمن قال : حرج ، ثنّى وجمع ، ومن قال : حرج ، أفرد لأنه مصدر.
وقوله تعالى : (يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً) [الأنعام : ١٢٥] وحرجا.
قال الفرّاء : قرأها عمر وابن عبّاس ، حرجا ، وقرأ الناس : حرجا.
أقول : فإذا فسّرنا الآية موضع بحثنا على «الشكّ» ، فذلك من كون أن الشاكّ ضيّق الصدر متحرّج غير منشرح ، ومثل هذا كثير في العربية ، ومنه الإصر ، وغيره.
٢ ـ وقال تعالى (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ) (٤).
والمعنى فجاءها بأسنا وهم بائتون ، أو هم قائلون ، فالمصدر بتأويل الحال ، أي : بائتين.
ومثل هذه الآية ، قوله تعالى : (أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ) (٩٧).
والبيات : البيتوتة مصدر الفعل بات يبيت ، وقالوا يبات.
والبيتوتة مثل مصادر أخرى وهي الغيبوبة ، والصيرورة ، والسيرورة ، والشيعوعة والقيمومة ، والحيلولة ، والطيرورة ، وكذلك القيلولة.
وكنت لحظت في أن هذه المصادر ، تلمح إلى أن أصل الفعل الأجوف هو المضاعف الثلاثي ؛ ألا ترى أنّنا نقول ضير وضرّ وضرر ، وغبّ وغيب ، وجبّ وجيب ؛ ولو استقريت سائر هذه المواد بشيء من لطف الصنعة ، لوصلت الى هذه النتيجة التي لمحناها.
ثم ما ذا عن القيلولة التي ترجع إليها كلمة «قائلون» في الآية؟ القائلة : الظهيرة ، يقال : أتانا عند القائلة ، وقد تكون بمعنى القيلولة أيضا ، وهي النّوم في الظهيرة.
وفي «المحكم» : أن القائلة نصف النهار ، والقيلولة نصف النهار ، وقال يقيل قيلا ومقالا ومقيلا ، الأخيرة عن سيبويه.
وكأن المعاصرين قد ابتعدوا قليلا حينما أضافوا كلمة «نوم» الى «القيلولة» ، فقالوا : نوم القيلولة ، ويريدون بذلك نوم الظهيرة.
٣ ـ وقال تعالى : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ