تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) [الآية ٢٥] فليس قوله سبحانه ؛ والله أعلم ؛ (تُصِيبَنَ) بجواب ، ولكنه نهي بعد أمر ، ولو كان جوابا ما دخلت النون.
وقال جلّ شأنه : (اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) [الآية ٣٢] بنصب (الحقّ) لأن (هو) ـ والله أعلم ـ جعلت هاهنا صلة في الكلام ، زائدة توكيدا كزيادة (ما) (١). ولا تزاد إلّا في كل فعل لا يستغني عن خبر ، ليست «هو» بصفة ل «هذا» لأنك لو قلت : «رأيت هذا هو» لم يكن كلاما ، ولا تكون هذه المضمرة من صفة الظاهرة ، ولكنها تكون من صفة المضمرة ، في نحو قوله تعالى : (وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) [الزخرف : ٧٦] و (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) ([المزّمّل : ٢٠] لأنك تقول «وجدته هو» و «أتاني هو» فتكون صفة ، وقد تكون في هذا المعنى أيضا غير صفة ، ولكنها تكون زائدة كما كان في الأوّل. وقد تجري في جميع هذا مجرى الاسم ، فيرفع ما بعده إن كان ما قبله ظاهرا أو مضمرا ، في لغة لبني تميم (٢) في قوله تعالى بقراءة من قرأ : (إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ) (٣) و (وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ) (٤) و (تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً) (٥) كما تقول «كانوا آباؤهم الظالمون» إنما جعلوا هذا المضمر نحو قولهم «هو و «هما» و «أنت» زائدا في هذا المكان. ولم يجعل في مواضع الصفة ، لأنه فصل ، أراد أن يبيّن به أنه ليس بصفة ما بعده لما قبله ، ولم يحتج الى هذا في الموضع الذي يكون له خبر.
وقال تعالى : (وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ) [الآية ٣٤] ف «أن» هاهنا زائدة ـ
__________________
(١). نقله في إعراب القرآن ١ : ٤٠٤ ، والمشكل ١ : ٣١٤.
(٢). لهجة تميم ٢٨٣.
(٣). القراءة برفع الحق ، هي في البحر ٤ : ٤٨٨ إلى الأعمش وزيد بن علي ، وبنصبها هي في البحر كذلك ، والجامع ٧ : ٣٩٨ ، إلى العامة والجمهور.
(٤). القراءة بالرفع ، في معاني القرآن ٣ : ٣٧ ، إلى عبد الله ، وفي الشواذ ١٣٦ إلى أبي زيد النحوي ، وجمعهما في البحر ٨ : ٢٧ ؛ والقراءة بالنصب في البحر ، كذلك إلى الجمهور.
(٥). القراءة بالرفع في الشواذ ١٦٤ ، نسبت إلى أبي السمال ، وزاد عليه في البحر ٨ : ٣٦٧ ابن السميفع ؛ والقراءة بالنصب في البحر ، كذلك إلى الجمهور.