فأخذ سمعهم وأبصارهم ؛ وختم على قلوبهم ، فإنه لا يقدر غيره على رد ذلك إليهم ؛ وأن ذلك العذاب لو نزل بهم فإنه لا يهلك به إلا القوم الظالمون ، فليقلعوا عن ظلمهم ولا يقترحوا نزول العذاب عليهم ؛ ثم ذكر أنه لا يرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ، ليبين أنهم لا قدرة لهم على إنزال تلك الآيات ، فمن آمن فلا خوف عليه ، ومن كذّب بآياته يمسّه العذاب بفسقه ؛ ثم أمر النبي (ص) أن يخبرهم بأنه لم يقل إن عنده خزائن الله ، أو إنه يعلم الغيب ، أو إنه ملك ، حتى يصحّ لهم أن يتعنّتوا عليه باقتراح تلك الآيات ، وإنّما هو رسول يتّبع ما يوحى إليه ، هو من الوضوح كالفرق بين الأعمى والبصير ؛ ثم أمره أن ينذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربّهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع ، ونهاه أن يطردهم عنه إرضاء لأولئك المتعنّتين ؛ ثم ذكر أنه فتنهم بهم ليقولوا أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا؟ والله أعلم حيث يضع هدايته ، ثم أمره أن يكرمهم إذا جاءوه للسلام ونحوه ، بعد أن نهاه عن طردهم ؛ وذكر أنه يفصّل الآيات في ذلك ليظهر الحق له في إيثارهم على الذين يريدون طردهم ، ويستبين سبيل أولئك المجرمين المتعنّتين عليهم ثم أمر النبي (ص) أن يخبرهم بأنه نهي أن يعبد ما يدعون من دونه ، وبأنه لا يتبع أهواءهم في اقتراح الآيات ، وبأنه على بيّنة من ربّه ، وقد كذبوا به مع قيام هذه البيّنة ، وليس عنده ما يستعجلون به من نزول العذاب عليهم ، وإنما الحكم له تعالى في أمر عذابهم ، ولو أنّ عنده ما يستعجلون به لقضي بينه وبينهم بإهلاكهم ، وعند الله وحده مفاتيح الغيب ، فهو الذي يعلم وقت عذابهم ؛ ثمّ ذكر كمال علمه وقدرته سبحانه ، وأنّه قادر على أنه يبعث عليهم عذابا من فوقهم ، أو من تحت أرجلهم ، أو يلبسهم شيعا ، ويذيق بعضهم بأس بعض ؛ وأنهم كذبوا بهذا العذاب ، وهو حقّ لا ريب فيه ؛ ثم أمر النبي (ص) أن يخبرهم بأنه ليس بوكيل عليهم ، ولكلّ نبأ وقت يحصل فيه من غير خلف.
ثم أمر النبي (ص) إذا رآهم يخوضون في تكذيب آياته أن يعرض عنهم ، حتى يخوضوا في حديث غيره ؛ وأخبره بأنّ الذين يتقونه من المؤمنين ليس عليهم شيء من حساب تكذيبهم ، ولكنه يعظهم بذلك تنزيها لهم عن