مسنيّة» وفي قولهم «قنية» لأنها من «قنوت».
قال تعالى : (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) [الآية ٤٢] بجعل «الأسفل» ظرفا ، ولو شئت قلت : «أسفل منكم» (١) إذا جعلته صفة «الركب» ولم تجعله ظرفا.
قال تعالى : (وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) [الآية ٤٢] (٢) بإلزام الإدغام ، إذ صار في موضع يلزمه الفتح ، فصار مثل باب التضعيف. فإذا كان في موضع لا يلزمه الفتح ، لم يدغم نحو (بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) [الأحقاف : ٣٣ والقيامة : ٤٠] إلّا أن تشاء تخفي ، وتكون في زنة متحرك ، لأنها لا تلزمه ، لأنك تقول «تحيي» فتسكن في الرفع وتحذف في الجزم ، فكل هذا لا يمنعه الإدغام. وقرأ بعضهم : «من حيي عن بيّنة» (٣) ولم يدغم إذا كان لا يدغمه في سائر ذلك. وهذا أقبح الوجهين ، لأنّ «حيي» مثل «خشي» لمّا صارت مثل غير التضعيف ، أجرى الياء الآخرة مثل ياء «خشي».
وتقول للجميع «قد حيوا» كما تقول «قد خشوا» ولا تدغم لأن ياء «خشوا» تعتل هاهنا. وقال الشاعر (٤) [من الطويل وهو الشاهد الثاني والعشرون بعد المائتين] :
وحيّ حسبناهم فوارس كهمس |
|
حيوا بعد ما ماتوا من الدهر أعصرا (٥) |
وقد ثقّل بعضهم وتركها على ما كانت عليه ، وذلك قبيح. قال الشاعر (٦) [من مجزوء الكامل وهو
__________________
(١). في البحر ٤ : ٥٠٠ هي قراءة زيد بن علي.
(٢). القراءة بياء واحدة في «حي» هي في معاني القرآن ١ : ٤١١ قراءة أكثر القراء ، وفي السبعة ٣٠٦ إلى ابن كثير في رواية. وإلى أبي عمرو وابن عامر حمزة والكسائي ، وفي الكشف ١ : ٤٩٢ والتيسير ١١٦ والبحر ٤ : ٥٠١ إلى غير نافع والبزي وأبي بكر من السبعة ، وأبدل في الجامع ٨ : ٢٢ أهل المدينة بنافع.
(٣). القراءة بياءين هي في السبعة ٣٠٦ و ٣٠٧ إلى عاصم في رواية ، وفي أخرى إلى ابن كثير ؛ وفي الكشف ١ : ٤٩٢ والتيسير ١١٦ والبحر ٤ : ٥٠١ إلى نافع والبزي وأبي بكر ، وفي الجامع ٨ : ٢٢ أبدل أهل المدينة بنافع.
(٤). هو أبو حزابة الوليد بن حنيفة. الأغاني ١٩ : ١٥٦ ، وهامش ٩١ فهرس شواهد سيبويه.
(٥). في الكتاب وتحصيل عين الذهب ٢ : ٣٨٧ ب «وكنا» بل «وحي». وشرح المفصّل لابن يعيش ١٠ : ١١٦.
(٦). هو عبيد بن الأبرص. ديوانه ١٢٦ ، وتحصيل عين الذهب ١ : ٣٨٧ وشرح المفصّل لابن يعيش ١٠ : ١١٥ ، واللسان «حيا» و «عيا». وقيل هو ابن مفرّع ، الصحاح «حيا».