النبي (ص) ، واستثنى منهم الذين عاهدهم عند المسجد الحرام ، فأمر سبحانه أن يستقيموا لهم ما استقاموا لهم ، ثم عاد السياق فأنكر أن يكون لأولئك المشركين عهد ، وهم إن يظهروا على المؤمنين لا يرعوا فيهم عهدا ، لأنهم غير مخلصين في عهدهم ، وأكثرهم فاسقون لا قيمة للعهد عندهم ؛ ثم ذكر من فسقهم أنهم آثروا الكفر على الإيمان بثمن قليل من متاع الدنيا ، وأنهم لا يرقبون في مؤمن عهدا ، وأنهم هم المعتدون على المسلمين ؛ ثم ذكر أنهم إن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فهم إخوانهم في الدين ؛ وأنهم ، إن نكثوا أيمانهم من بعدهم وجب قتالهم ونقض عهدهم ، لأنهم لا أيمان لهم.
ثم ذكر في تسويغ قتالهم ، أنهم نكثوا أيمانهم وهمّوا بإخراج الرسول من مكة ، قبل أن يهاجر منها ، وبدءوا المسلمين بالقتال ظلما وعدوانا ؛ ثم أمرهم بقتالهم ليعذّبهم سبحانه بأيديهم ويخزيهم ، وينصرهم عليهم ، ويشفي صدورهم منهم ؛ وذكر أنه لم يكن ليتركهم ، من غير أن يميز بالجهاد بين الصادقين في إيمانهم وغيرهم ، ولم يكن ليترك المشركين يعمرون المسجد الحرام بكفرهم ، لأن الأحقّ بعمارته الذين يؤمنون بالله واليوم الاخر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ؛ ثم أنكر على المشركين أن يسوّوا بين ذلك ، وما يقومون به من سقاية الحاج ، وعمارة المسجد الحرام ؛ وحكم بأن المؤمنين أعظم درجة عنده منهم.
ثم نهى المؤمنين بعد البراءة من عهود الكفار ، أن يتّخذوا آباءهم وإخوانهم أولياء ، إن آثروا الكفر على الإيمان ؛ وأوعدهم إن آثروا آباءهم وأبناءهم وإخوانهم وأزواجهم وعشيرتهم وأموالهم وتجارتهم ، عليه وعلى رسوله والجهاد في سبيله ، أن يتربّصوا حتى يأتي سبحانه بأمره ؛ ثم ذكر أنه جلّ جلاله نصرهم في مواطن كثيرة ليؤثروه على غيره ؛ وخصّ من هذه المواطن يوم حنين ، إذ أعجبتهم كثرتهم فلم تغن عنهم شيئا ، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت ثم ولّوا مدبرين. ثم أنزل سكينته على النبي ومن ثبت معه ، وهزم أعداءهم ؛ ثم ذكر أنه يتوب على من يشاء منهم ، والله غفور رحيم (يا أَيُّهَا الَّذِينَ