بهذه السورة التي أنزلها فيهم ؛ ثم ذكر أنه إذا سألهم عما يبلغ عنهم ، اعتذروا عنه ، بأنه كان على وجه اللعب لا على وجه الجدّ ، وردّ عليهم بأنه لا محلّ للّعب في أمر الله وآياته ورسوله ، إلى غير ذلك ممّا ذكره في الردّ عليهم ؛ ثم ذكر أن المنافقين والمنافقات بعضهم من بعض ، فلا يوالي بعضهم إلّا بعضا ، لأنهم يستأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ، إلى غير هذا ممّا لا يصحّ موالاتهم عليه.
ثم ذكر سبحانه ، أنه أعدّ لهم على ذلك نار جهنّم خالدين فيها ؛ وذكر أنه سينالهم ما نال من كان قبلهم ، ممّن كانوا أشدّ منهم قوة ، وأكثر أموالا وأولادا ، كقوم نوح ، وعاد ، وثمود ، وقوم إبراهيم ، وغيرهم.
ثم ذكر أن المؤمنين يجب أن يكون بعضهم أولياء بعض ، لأنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر على عكس ما يفعله المنافقون ؛ وذكر ما أعدّ لهم من الثواب ، كما ذكر ما أعدّ للمنافقين من العذاب ؛ ثم أمر النبي (ص) أن يجاهدهم بالتغليظ والتشديد عليهم ، ثم أعاد السياق ما ذكره سبحانه ، من حلفهم وإنكارهم ما يقولونه بعد الأمر بجهادهم ، ليؤكد ثانيا أنهم قالوه.
ورابعها : الذين عاهدوا الله إن أغناهم أن يتصدّقوا من أموالهم ، فلمّا آتاهم ما طلبوا بخلوا بصدقاتهم ، فجازاهم على ذلك بأن أعقبهم نفاقا لا يفارقهم الى يوم القيامة ، وهددهم بأنه يعلم سرّهم ونجواهم ولا يخفى عليه ، جلّت قدرته ، شيء من أحوالهم ؛ ثم ذكر أنهم مع بخلهم بالصدقات يطعنون المطّوعين من المؤمنين فيها ، والذين لا يجدون ما يتصدقون به إلا جهد المقلّ ، فيسخرون منهم ويزعمون أنهم يقصدون الرياء والسمعة ، وأن الله غنيّ عن صدقة المقلّ منهم ؛ ثم ذكر أنه جازاهم سخرية بسخرية ، ولهم عذاب أليم ، ونهى النبي (ص) أن يستغفر لهم كما يستغفر للمسلمين ؛ وذكر أنه لا يغفر لهم ، ولو استغفر لهم سبعين مرة ، لأنهم كفروا به وبرسوله وهو لا يهدي القوم الفاسقين.
ولما انتهى السياق من بيان أقسامهم ، عاد إلى أصل الكلام في تثاقلهم وتخلّفهم عن غزوة تبوك ، فذكر ما كان من فرحهم بتخلّفهم ، وكراهتهم للجهاد