افتح عليّ ، أي : بيّن لي ، وفهّمني ما غرب عنّي.
وفي قوله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) [الآية ٦٨] استعارة. والمراد بها إثارة أحاديث الآيات ليستشفّوا بواطنها ، ويعلموا حقائقها ، كالخابط في غمرة الماء ، لأنه يثير قعرها ، ويسبر غمرها. وقد مضى الكلام على نظير ذلك في (النساء).
وفي قوله سبحانه : (وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً) [الآية ٨٠] استعارة. لأن صفة الشيء بأنه يسع غيره ، لا يطلق إلّا على الأجسام التي فيها الضّيق والاتّساع ، والحدود والأقطار. تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا. فالمراد أن علمه سبحانه يحيط بكل شيء ، فلا تخفى عليه خافية ، ولا تدقّ عنه غامضة.
وفي قوله سبحانه : (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) [الآية ٩٢] استعارة. والمراد بأمّ القرى مكّة ، وإنّما سماها سبحانه بذلك ، لأنها كالأصل للقرى ، فكلّ قرية فإنما هي طارئة عليها ، ومضافة إليها.
وفي قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) [الآية ٩٣] استعارة عجيبة. لأنه سبحانه شبه الذين يعتورهم كرب الموت وغصصه ، بالذين تتقاذفهم غمرات الماء ولججه. وقد سميت الكربة غمرة لأنها تغمر قلب الإنسان ، آخذة بكظمه ، وخاتمة على متنفسه. والأصل في جميع ذلك غمرة الماء.
وفي قوله تعالى : (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) [الآية ٩٥] استعارة على بعض الأقوال ، ومعناها أنه سبحانه يشق الحبة الميتة ، والنواة اليابسة ، فيخرج منها ورقا خضرا (١) ، ونباتا ناضرا ، ويخرج الحبّ اليابس الذاوي من النبت الحي النامي. وقال بعضهم : يخرج الإنسان الحي من النطفة وهي موات ، ويخرج النطفة الموات من الإنسان الحيّ. والله أعلم بالصواب.
وقوله سبحانه : (وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ) [الآية ١٠٠] استعارة.
__________________
(١). الورق الخضر هو الأخضر. ووزنها مثل فرح.