٢ ـ ومنهم من قال : إنها «رموز» لبعض أسماء الله تعالى وصفاته.
٣ ـ ومنهم من قال : إن المقصود منها هو تنبيه السامعين وإيقاظهم ، وسياسة النفوس المعرضة عن القرآن ، واستدراجها للاستماع إليه ، واستمالة العقول بشيء غريب على السمع للانتباه والإصغاء للقرآن.
وأشهر آراء علماء البلاغة والبيان : أن هذه الحروف ذكرت للتحدي وبيان إعجاز القرآن ، وأن الخلق عاجزون عن الإتيان بمثل القرآن مع أنه مركّب من هذه الحروف المقطّعة التي يتخاطبون بها ، وفي هذا دلالة على أنه ليس من صنع بشر ، بل تنزيل من حكيم حميد.
ويرى ابن جرير الطبري أن أفضل الآراء في معنى فواتح السور هو اشتمالها على جميع الوجوه التي ذكرها العلماء في معانيها. فهي أسماء للسورة ، وهي رموز ، وهي حروف للتنبيه والتحدي ... إلخ.
وسورة الأعراف هي السورة المكية الثانية في ترتيب المصحف ، وهي تتسم بتلك السمات العامة التي أسلفنا إليها في الحديث عن سورة الأنعام.
ثم تتميز بطابعها الخاص بعد ذلك من ناحية الموضوعات التي تعالجها والسياق الذي تسير فيه.
وموضوع السورة الرئيس هو الإنذار ، إنذار من يتولون غير الله ، ومن يكذبون بآيات الله ، ومن يستكبرون عن طاعة الله ، ومن ينسون الله ، ومن لا يشكرون نعمته ، إنذارهم بهلاك الدنيا وعذاب الاخرة ، وذلك فوق الخزي والهوان والنسيان.
تبدأ السورة بالإنذار ، ثم تسلك بهذا المعنى سبلا شتى وتتصرف فيه تصرفات كثيرة ، وترسم له صورا متعددة ، وتلمس به المشاعر لمسات مختلفة. فتارة يتّخذ السياق شكل القصة : قصة آدم مع إبليس ، ثم قصص نوح وهود وصالح وشعيب وموسى ، مع أقوامهم لتنتهي كل قصة بالعذاب والنكال لمن يخالفون أمر الله ؛ وتارة يتّخذ شكل مشهد من مشاهد القيامة أو مشاهد الاحتضار تنكشف فيه مصائر المكذّبين ، والمتكبّرين ، ومصائر الطائعين ، لله ربّ العالمين.
ويتخلل القصص والمشاهد ما يتّسق مع الجو العام من توجيه الأنظار والقلوب ، والدعوة إلى التوبة والإنابة ،