سورة في المكّيّ. وهي أول سورة عرضت لتفصيل في قصص الأنبياء مع أممهم. وقد نزلت بين جملتين من السور المكية : يكثر في الجملة التي نزلت قبلها السور القصيرة ، التي تعرف بسور «المفصّل» (١) ويكثر في الجملة التي نزلت بعدها السور المتوسطة التي تعرف بسور «المئين» (٢).
وتطالعنا سورة الأعراف بالحديث عن عظمة القرآن. وتأمرنا باتّباعه وتحذّرنا من مخالفته. وتحثّنا على العمل الذي تثقل به موازيننا يوم القيامة (٣) في بداية تعدّ براعة استهلال أو عنوان لما تشتمل عليه السورة. وهي سمة غالبة في سور القرآن حيث نجد الآيات الأولى منها عنوانا معبّرا عن أهدافها وسماتها.
وفي أول سورة الأعراف يقول سبحانه :
(المص (١) كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (٢) اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) (٣).
ثم ساقت لنا السورة بأسلوب منطقي بليغ قصة آدم مع إبليس. وكيف أن إبليس قد خدعه بأن أغراه بالأكل من الشجرة المحرّمة. فلمّا أكل منها هو وزوجته ، (بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ) [الآية ٢٢].
ثمّ وجهت إلى بني آدم نداء ، في أواخر هذا الرّبع ، نهتهم فيه عن الاستجابة لوسوسة الشيطان. قال تعالى :
(يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (٢٧).
وفي الرّبع الثاني منها ، نراها تأمرنا بأن نأخذ زينتنا عند كل مسجد ، وتخبرنا بأن الله ـ تعالى ـ قد أباح لنا أن نتمتّع بالطيّبات التي أحلّها لنا ،
__________________
(١). تسمّى سور «المفصّل» لكثرة الفصل بينها بالبسملة مثل «الضحى».
(٢). هي السور التي يكون عددها قرابة المائة آية.
(٣). تفسير سورة الأعراف ، لفضيلة الدكتور أحمد السيد الكوفي والدكتور أحمد سيّد طنطاوي ، صفحة ٦ وما بعدها.