خير من ذلك اللباس ، ثم حذرهم أن يفتنهم إبليس كما فتن أبويهم في الجنة ، وذكر أنه ، هو وقبيله ، يأتونهم من حيث لا يرونهم ، وأنه قد جعلهم أولياء للذين لا يؤمنون ، وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا ، وزعموا أن الله أمرهم بها ، ثم أمر النبي (ص) أن يخبرهم بأنه لا يأمر بالفحشاء ، وإنما يأمر بالقسط وأن يقيموا وجوههم عند كل مسجد ويدعوه مخلصين له ، ثم ذكر أنه سيعيدهم كما بدأهم فريقين : فريقا هداه ، وفريقا حقّت عليه الضّلالة لأنهم اتّخذوا الشياطين أولياء من دونه ويحسبون أنهم مهتدون ، ثم أمرهم أن يأخذوا ما أنزل عليهم من اللباس عند كل مسجد ، وأن يأكلوا ويشربوا ولا يسرفوا في لباسهم وأكلهم وشربهم ، وكانوا في الجاهلية يطوفون عراة بالبيت ، الرجال بالنهار والنساء بالليل. ويقولون لا نطوف في ثياب أصبنا فيها الذنوب ، وكان منهم متنسكون لا يأكلون من الطعام إلا قوتا ولا يأكلون دسما ؛ ثمّ أمر النبي (ص) أن يسألهم سؤال تعجيز عمّن حرّم عليهم الزينة والطيّبات من الرزق ، وذكر لهم أنه إنما حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ، والإثم والبغي والشرك والكذب عليه ، في تحريم ما حرموه على أنفسهم ، وهدّدهم بأنه إذا كان يمهلهم على ذلك فلأنّ كل أمّة لها أجل (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) (٣٤).
ثم ذكر أنه أوحى إلى آدم (ع) وذريته حين هبطوا الى الأرض ، أنه إذا أتاهم رسل يقصّون عليهم آياته ، فمن آمن بهم فلا خوف عليه ، ومن كذّب واستكبر فجزاؤه الخلود في النار ؛ ثم فصّل وعيدهم ، فذكر أنه لا يوجد أظلم ممّن افترى عليه وكذّب بآياته ، وأنهم ينالون نصيبهم في الحياة من العمر والرزق ، ثم يتوفّاهم ملائكة الموت ، ويسألونهم عن شركائهم ليدفعوا عنهم ، فيجيبون بأنهم ضلّوا عنهم ، ويعترفون بكفرهم ؛ وهناك يأمرهم بأن يدخلوا النار فيمن دخلها قبلهم من أمم الجن والإنس ، فيتلاومون فيها بما ذكره من تلاومهم ؛ ثم ذكر أنهم لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة ، حتى يلج الجمل في سمّ الخياط ، والى غير هذا ممّا ذكر في وعيدهم.
ثم أخذ السياق في تفصيل وعد المؤمنين ، فذكر من نعيمهم في الجنة ما ذكر ، ثم ذكر أنهم ينادون أصحاب