بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) [النمل : ١٤].
فإن قيل : لم قال موسى (ع) كما ورد في التنزيل (وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) (١٠٢) وموسى (ع) كان عالما بذلك ، لا شكّ عنده فيه؟
قلنا : قال أكثر المفسرين الظن هنا بمعنى العلم ، كما في قوله تعالى (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ) [البقرة : ٤٦] وإنما أتي بلفظ الظنّ ليعارض ظنّ فرعون بظنّه ، كأنّه قال : إن ظننتني مسحورا ، فأنا أظنّك مثبورا ، والمثبور الهالك والمصروف عن الخيرات ، أو الملعون والخاسر.
فإن قيل : لم كرّر تعالى الإخبار بالخرور (١)؟
قلنا : كرّره ليدل على تكرار الفعل منهم. الثاني : أنه كرّره لاختلاف الحالين ، وهما خرورهم في حال كونهم ساجدين ، وفي حال كونهم باكين. الثالث : أنه أراد بالخرور الأول ، الخرور في حالة سماع القرآن وقراءته ؛ وبالخرور الثاني ، الخرور في سائر الحالات وباقيها.
__________________
(١). الخرور : مصدر خرّ يقال : خرّ ساجدا ، ومعنى خرّ في هذا السياق ، في الأصل : سقط. فكأنّ الذي يخرّ ساجدا ، يسقط ، لفرط خشوعه ، من عل ، حيث هو واقف ، إلى الأرض ، ليسجد.