بعض مشاهد القيامة ، وتعرض صورة من استنكار الكون كلّه لدعوى الشرك. وتنتهي بمشهد مؤثّر عميق ، من مصارع القرون :
(وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ) [الآية ٧٤].
أي أمة من الأمم الماضية ، بتكذيبهم الرسل.
(هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) (٩٨).
وقد جاء تفسير الطبري لهذه الآية الأخيرة من سورة مريم بما معناه :
يقول تعالى ذكره : وكثيرا أهلكنا يا محمّد ، قبل قومك من مشركي قريش (مِنْ قَرْنٍ) يعني من جماعة من الناس ، إذ سلكوا سبيل المعاصي والشرك :
(هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ).
يقول فهل تحس أنت منهم أحدا يا محمّد ، فتراه وتعاينه (أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) (٩٨).
يقول أو تسمع لهم صوتا ، بل بادوا وهلكوا وخلت منهم دورهم ، وأوحشت منهم منازلهم ، وصاروا إلى دار لا ينفعهم فيها إلّا صالح من عمل قدّموه ؛ فكذلك قومك هؤلاء صائرون إلى ما صار إليه أولئك ، إن لم يعاجلوا التوبة قبل الهلاك.
وهكذا تنتهي سورة مريم ، بعد تقرير قدرة الله الفائقة ، وحكمته البالغة في خلق يحيى وخلق عيسى (ع) ، وتقرير قدرته سبحانه على البعث والحشر والحساب والجزاء ، ومكافأة المؤمنين ومعاقبة المعتدين.