شركهم ، وأن يشكروا نعمته عليهم بسكنى هذه القرية ، إن كانوا إيّاه يعبدون. ثم ذكر أنه لم يحرّم عليهم إلّا الميتة والدم ونحوهما من الخبائث ، ونهاهم أن يحلّلوا ويحرّموا من أنفسهم ؛ ثم ذكر أنه حرّم على اليهود ما قصّه عليه من قبل في سورة الأنعام ، وأنه لم يظلمهم بهذا ، ولكنّهم كانوا يظلمون أنفسهم بعملهم بخلاف علمهم ، ثم ذكر أن للذين عملوا السوء بجهالة من العرب الأميين ، ثم تابوا من بعد ذلك ، وأصلحوا ، مغفرة ؛ إنّ ربّك من بعدها ، لغفور رحيم.
ثم ذكر أن إبراهيم (ع) الذي أنشأ تلك القرية ، وأقام فيها الكعبة ، كان أمّة قانتا لله حنيفا ، ولم يكن من المشركين ؛ وأنّه كان شاكرا لأنعمه ، فاجتباه وهداه الى صراط مستقيم ، وآتاه في الدنيا حسنة ، وإنه في الاخرة لمن الصالحين ؛ ثم ذكر أنه أوحى الى النبي (ص) ، أن يتّبع ملّة إبراهيم حنيفا ، وما كان من المشركين ؛ وأنه ، إنّما جعل شريعة السبت على اليهود الذين اختلفوا فيها ، وأنه سيحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ؛ فلا يصح له أن يعمل بها ، لأنهم حرّفوها حتى خرجوا بها عن أصلها ، وهو ملّة إبراهيم.
ثم أمر النبي (ص) ، أن يدعو الى هذه الملّة بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأن يجادل المشركين فيها بالتي هي أحسن ، لأنّ الضلال والهدى بيده تعالى ، ثم أمره وأتباعه إذا خرج الأمر من الجدال الى القتال ، أن يعاقبوا بمثل ما عوقبوا به ، فلا يبدءوهم بالقتال ولا يجاوزوا ما عوقبوا به ، منهم ؛ ثم رغّبهم في الصبر والعفو عنهم ، ونهى النبي (ص) أن يحزن لكفرهم أو يكون في ضيق ممّا يمكرون (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (١٢٨).